كشفت مصادر تابعة للاحتلال عن اقتراب مصر و”إسرائيل” من التوصل إلى اتفاق لبناء جدار تحت الأرض لفصل سيناء عن قطاع غزة بتمويل دولة خليجة
حصار بأموال دولة خليجية
وفق إذاعة جيش الاحتلال، ينص الاتفاق المحتمل على أن “تموّل دولة خليجية إنشاء جدار تحت الأرض لفصل قطاع غزة عن شبه جزيرة سيناء، وذلك بهدف القضاء على أنفاق تزعم إسرائيل أنها موجودة هناك”.
وحسب المصدر ذاته، فقد رفضت الرقابة العسكرية للكيان، نشر اسم هذه الدولة الخليجية، التي تجري تل أبيب اتصالات معها، مشيرة إلى أن مصر لم توافق بعد على المسار المقترح برمته.
ويرجح مراقبون أن تكون الإمارات هي الدولة الخليجية التي ستقوم بتمويل بناء الجدار، خاصة أنها ترتبط بعلاقات قوية بالاحتلال وذلك بعد توقيع اتفاق التطبيع.
وأوردت صحيفة “إسرائيل هيوم” بتاريخ 11 ديسمبر، نقلا عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قوله أمام إحدى اللجان العليا في الكنيست، إن السعودية والإمارات ستقومان بتمويل إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب والقضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وفي وقت سابق، نقلت صحيفة “زمان إسرائيل” عن مصدر مطلع قوله إن الاحتلال يبحث عن حل أكثر منطقية وهو بناء جدار تحت الأرض في الجانب المصري، والفكرة التي يتم تطويرها الآن هي إيجاد تمويل دولي لبناء الجدار”.
ووفق وول ستريت جورنال، تنمو الأعمال التجارية بين الإمارات وإسرائيل سريعا عقب توقيع صفقة تطبيع العلاقات بين البلدين التي جاءت برعاية الولايات المتحدة في صيف 2020.
وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن الدولة الخليجية أبدت استعدادها لتمويل بناء الجدار تحت الأرض، مشيرة إلى أنّها اشترطت موافقة السلطات المصرية.
ويؤكد مراقبون أن اعتزام الدولة الخليجية تمويل المشروع الإسرائيلي المصري يأتي في سياق رغبتها في القضاء على المقاومة في القطاع، على اعتبار أن المقاومة في غزة باتت حجر عثر أمام مشروع التطبيع في المنطقة.
فيلادلفيا.. مفاوضات سرية
شهدت الأسابيع الأخيرة حوارا متواصلا بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر على المستويات الأمنية تؤكد مصادر مطلعة على التفاصيل، أن هناك تقاربا على طريق إيجاد حلول للقضايا الحساسة المطروحة وأهمها وجود قوات الاحتلال في محور فيلادلفيا.
ومحور فيلادلفيا والذي يسمى أيضا “محور صلاح الدين”، يقع على امتداد الحدود بين غزة ومصر، وضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام “كامب ديفيد” بين مصر و”إسرائيل” عام 1979، ويبلغ طوله 14 كلم.
وقبل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، كان المحور بمثابة أنبوب الأكسجين لغزة.
والثلاثاء، قال موقع “أكسيوس” الأمريكي، إن رونين بار مدير جهاز الأمن العام الإسرائيلي “شين بيت” زار القاهرة الاثنين، وبحث مع رئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل، ملف محور فيلادلفيا الحدودي.
وجاءت الزيارة وسط توتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل على خلفية تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تؤكد عزمهم بدء عملية عسكرية على الحدود والسيطرة على محور فيلادلفيا، الأمر الذي رفضته مصر بشدة.
وفي بداية جانفي 2024، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن إسرائيل أبلغت مصر بخطط للقيام بعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على الممر.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 30 ديسمبر 2023 إن ممر محور فيلادلفيا يجب أن يكون “بيد إسرائيل”.
ويدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى إقناع الجانب المصري بإمكانية وقف هجماته ضد النازحين الفلسطينيين في رفح مقابل ضمان حضور لقواته في محور فيلادلفيا.
في مقابل ذلك، يقول مراقبون إن خطط الاحتلال باتت ترتكز على نقطة رئيسية وهي أن إنهاء المقاومة الفلسطينية في القطاع يجب أن يشمل السيطرة على هذا المحور بالكامل وفرض سيطرة تامة على طول الحدود المصرية الفلسطينية مع قطاع غزة.
ووفق ما نقلته إذاعة الاحتلال، فإن التفاهمات بين تل أبيب والقاهرة تشمل تعهد الجانب الإسرائيلي بعدم شن عملية عسكرية في رفح مع وجود أعداد كبيرة من النازحين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى ترك منازلهم بسبب القصف.
وحسب المصدر ذاته، لم يتقرّر بعد إلى أين سينقل الاحتلال النازحين الفلسطينيين من رفح، سواء إلى خان يونس أو إلى شمالي قطاع غزة، في حين ذكرت الإذاعة أن “قرار إعادة الفلسطينيين إلى شمالي القطاع يحتاج إلى قرار من القيادة السياسية”.
وينص الاتفاق المحتمل بين مصر والكيان على أن يكون لتل أبيب “دور معين” في محور فلادلفيا، دون فرض حضور مستمر ومتواصل لقوات الاحتلال هناك، ويحتمل أن يكون ذلك عبر “وسائل تكنولوجية” وفق المصدر ذاته.
لكن القناة “13” التابعة للكيان، نقلت عن مسؤولين حكوميين، قولهم إن “هناك احتمالا لتنفيذ عملية عسكرية في رفح”، وأشارت إلى أن “إسرائيل أوصلت هذه الرسالة إلى مصر من خلال عدة قنوات في الأيام الأخيرة”.
مخاوف مصرية
أكّدت مصادر إعلامية تابعة للكيان نقلا عن المسؤولين الإسرائيليين أن “القاهرة أعربت عن مخاوفها من العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، لأنها قد تقود إلى عملية نزوح فلسطينية واسعة إلى سيناء”.
وقالت القناة 13 الإسرائيلية: “نظرا إلى الخلافات في الرأي بين الطرفين، تقررت إقامة فرق عمل مشتركة بين إسرائيل ومصر، للنظر في التطورات والعلاقات المتوترة بينهما”.
فيما نقلت القناة عن مسؤول كبير، لم تسمّه، وصْفَه العلاقات بين إسرائيل ومصر في الأسابيع الأخيرة بأنها “متوتّرة للغاية”، وأنه لا يذكر وقوع توتر كهذا بينهما في السنوات الأخيرة.
ورغم أن مصر قامت خلال السنوات الماضية ببناء جدار حديدي تحت الأرض في أراضيها واتخذت خطوة أكثر راديكالية بتدميرها مدينة رفح المصرية وإبعادها مسافة كيلومترين إلى الخلف وتهجير سكانها، إلا أنها قد توافق على المقترح الإسرائيلي في حال أُعطيت ضمانات بعدم ترحيل سكان غزة اللاجئين إلى حدودها.
ويقول مراقبون إن مصر قد توافق على الاتفاق إذا عدلت صيغته بالطريقة التي تتناسب مع رؤى القاهرة للأوضاع، مشيرين إلى أن التنسيق المصري الإسرائيلي في مسألة الحدود ليس بمسألة جديدة.
ففي 2019، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقابلة أجراها مع قناة “سي بي إس” الإخبارية الأمريكية، إن القاهرة وتل أبيب تعملان معًا في الحرب ضد الإسلاميين المتشددين في شبه جزيرة سيناء.
وكانت مصر حصلت على إذن من “إسرائيل” لنشر قوات ودبابات ومروحيات هجومية في شمال سيناء لمحاربة فرع تنظيم داعش الإرهابي.
ويقول المراقبون، إنه إضافة إلى مخاوف مصر من تدفق اللاجئين من غزة الفارين من القصف على أراضيها، فإن القاهرة تتخوف من أن سيطرة القوات الإسرائيلية لوحدها على الممر ستثير الاتهامات بفشل القاهرة في وقف التهريب.