أصبحت فرنسا أول دولة تُدرج صراحة حق الإجهاض في دستورها الرسمي، في سابقة تاريخية رحبت بها جماعات حقوق المرأة وانتقدتها بشدة الجماعات المناهضة للإجهاض.
وصوت البرلمان الفرنسي، الاثنين، في جلسة في قصر فرساي على إدراج حق الإجهاض في الدستور بأغلبية 780 صوتا لصالح القرار مقابل 72 ضده.
ووافق أغلبية أعضاء البرلمان الفرنسي على إدراج جملة "يحدّد القانون الشروط التي تمارس فيها الحرية المكفولة للمرأة باللجوء إلى إنهاء طوعي للحمل".
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد صوت في 27 فيفري 2024 على نص يُشرع إدراج حق الإجهاض في الدستور.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي، غابرييل أتال، في مستهل المناقشات في البرلمان الفرنسي "نتحمل ديناً أخلاقياً" تجاه كل النساء اللواتي "عانَين في أجسادهنّ" من عمليات الإجهاض غير القانونية، وأضاف "نحن نبعث برسالة إلى جميع النساء: جسدك ملك لك ولا يمكن لأحد أن يقرر نيابة عنك".
وقوبلت نتيجة التصويت بتصفيق حاد، ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منشور على منصة "إكس" بـ "حرية جديدة يكفلها الدستور"، ووصف القرار بأنه "فخر فرنسي" و"رسالة عالمية".
وتعهد ماكرون في الثامن من مارس العام الماضي بإدراج حق الإجهاض في الدستور الفرنسي؛ استجابة للمخاوف التي أثارها إلغاء حُكم يضمن للأمريكيات الحق في الإجهاض في الولايات المتحدة عام 2022.
وقال الرئيس الفرنسي إن الحكومة ستقيم احتفالا رسميا بإقرار حق الإجهاض يوم الجمعة المقبل، والذي يصادف اليوم العالمي لحقوق المرأة.
وأظهر استطلاع للرأي أُجري مؤخراً في فرنسا أن 90 في المئة من المشاركين يؤيدون الحق في الإجهاض، بينما يريد 86 في المئة إدراجه في الدستور.
وتحظى حقوق الإجهاض بدعم واسع النطاق في فرنسا، ولم يكن الحد منها موضوعا للنقاش العلني، وكان معظم المشرعين حتى عام 2022 يعتقدون أن مثل هذه الخطوة غير ضرورية بالنظر إلى الضمانات الحالية للنساء اللاتي يسعين إلى الإجهاض.
لم تكن خطوة إدراج حق الإجهاض في الدستور الفرنسي بمنأى عن انتقادات البعض، خاصة أن برنامج ماكرون الانتخابي لم يتضمن هذا المشروع.
وقالت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، إن ماكرون يستخدم هذا الأمر من أجل تسجيل نقاط سياسية لصالحه، خاصة أن هناك دعما كبيرا لحق الإجهاض في البلاد.
وفي مؤتمر صحفي عقد قبل التصويت على القرار، قالت لوبان "سنصوت لإدراج حق الإجهاض في الدستور لأنه ليس لدينا مشكلة في ذلك"، وأضافت أنه "من المبالغة وصفه بأنه خطوة تاريخية؛ لأنه لا يوجد من يُعرض حق الإجهاض للخطر في فرنسا".
وكان الفاتيكان قد أعرب في وقت سابق، الإثنين، عن معارضته "لكل حق في إلغاء روح بشرية".
ووصفت باسكال مورينير، رئيسة رابطة العائلات الكاثوليكية، هذه الخطوة بأنها هزيمة للناشطين المناهضين للإجهاض.
"تاريخ الإجهاض في فرنسا"
وحصلت النساء الفرنسيات على حق الإجهاض للمرة الأولى في عام 1975، بعد صراع سياسي طويل قادته وزيرة الصحة الفرنسية آنذاك، سيمون فاي، حيث أُعطيت النساء حق الإجهاض شريطة ألا تتجاوز فترة الحمل أكثر من 12 أسبوعا.
وفي الثاني من مارس عام 2022، تم تمديد هذه الفترة إلى 14 أسبوعا، بعد أن وجد المختصون أن العديد من النساء كن يذهبن إلى دول أجنبية، على غرار بلجيكا وسويسرا، من أجل القيام بعملية الإجهاض بعد تجاوزهن المدة المحددة.
وهذه هي المرة الخامسة والعشرين التي تعدل فيها الحكومة الفرنسية دستورها منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في العام 1958.