احتضن المركز الثقافي بئر الأحجار في المدينة العتيقة بالعاصمة العرض الصوفي "الفُڨرا" بقيادة الفنان علي بن قدور، وذلك في سهرة الخميس 21 مارس ضمن فعاليات الدورة 40 لمهرجان المدينة بتونس.
ويتنزل هذا العرض في خانة الفرجة الإنشادية الطرقية المتطورة والراقية في عالم السماع، وهو يحاكي ممارسات المُريدين للطرق الصوفية. و"الفُڨرا" هو عرض في الإنشاد الطرقي ويهتمّ بالطرق الصوفية التي توارثتها أجيال على مدى عقود من الزمن. وعملت هذه المجموعة على جمع نصوص المُريدين ويُطلق عليهم اسم "الفُڨرا"، وعلى هذا الأساس تعاملت المجموعة الموسيقية مع النصوص التي كانت تُردّد من أذكار إلهية ومدائح نبوية.
وحافظ قائد المجموعة علي بن قدور على النصوص وأصالتها من حيث أساليب الذكر. ومن هذه الطرق ردّد المشاركون في عرض "الفُڨرا" للطرق الصوفية، فأنشدوا للعيساوية والقادرية والسلامية والتيجانية. وأضفت المجموعة على هذه الأذكار والمدائح صياغة لحنيّة جديدة أو ما يعبّر عنها في القاموس الموسيقي بإعادة توزيع.
وتجلّى هذا النفس التجديدي في العرض من خلال إدخال آلات موسيقية شرقية كالناي وغربية كالفلوت والكمنجة والأورغ. وأحسن توظيفها قائد المجموعة علي بن قدور لخدمة كل نفس روحي ووجداني للعرض. وهذه الرؤية المعاصرة للفُڨرا تهدف إلى استقطاب الشباب وتوسيع دائرة انتشار هذا النمط الموسيقي دون المسّ من جوهره وهويته، وفق ما أفاد "وات" المشرف على العرض أنيس الطيب.
وعلى خلاف العروض الصوفية الأخرى كالحضرة مثلا، فإن طرافة عرض "الفُڨرا" تكمن بالخصوص في أن العرض قائم على السماع بالأساس، فهذه موسيقاه وجدانية روحانية هادئة ترتكز في المقام الأول على توزيع الأصوات.
وفي هذا العرض تابع الجمهور الى جانب إنشاد المرددين في الجوقة، حضور أصوات فنية وهم كل من الفنانين منير المهدي وإيمان محمد وأمين بن علي (اسمه الفني أمين لارتيستو).
ولأن هذه النسخة الأربعين من مهرجان المدينة بتونس تنتظم في ظرف استثنائي بسبب حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد حرص المشرفون على العرض على مناصرة القضية الفلسطينية والتعبير عن تضامنهم مع أهالي غزة من أجل الحرية والسلام لفلسطين، على طريقتهم، فكان مسك ختام السهرة مع الأغنية الصوفية "بالله يا طير" رافقها تحرير طير حمام من قفصة كرسالة أمل في أن شعب فلسطين سيستعيد حريته ذات يوم.