اعتبر مدير عام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشارة، ردّ طهران ضدّ الكيان المحتلّ ''تطوّرا كبيرا ومهمّا'' باعتبار أنّه أول هجوم يحصل من أرض إيرانية على إسرائيل وبحجم كبير.
وشدّد على ضرورة قراءته من خارج إطار العدوان على الفلسطينيين في قطاع غزة، ومن زاوية المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية.
وقال بشارة، في حوار خاص مع التلفزيون العربي، إنّ التصعيد الإسرائيلي لم يكن بإمكان إيران السكوت عنه لأنّه كان جارحا في تجرّئه على كرامتهم الوطنية.
ولفت إلى أنّ الرابط الوحيد بين الردّ الإيراني والحرب على غزة، يتمثّل في حقيقة أنّ المنطقة لا تهدأ منذ السابع من أكتوبر ويزداد التوتّر فيها منذ عملية طوفان الأقصى.
أما المبالغة في تصوير الهجوم بأنه تهديد وجودي لإسرائيل، أو على العكس، القول إنّ ما حصل مسرحية أو مؤامرة متفق عليها، فهو برأي المدير العام لـالمركز العربي ناجم عن غياب مشروع عربي تنموي يواجه مشروعا كولونياليا مثل إسرائيل.
وبيّن أنّ ''هناك نوعا من اليتم العربي يُترجم بالانقسام العربي بين إيران وتركيا وإسرائيل''.
وعزا بشارة الأثر المحدود للهجوم الإيراني إلى ''عدم رغبة إيران في اندلاع الحرب وإعلانها للعالم أنّها مضطرة للردّ لأنّ إسرائيل لم تترك لها مجالا آخر بسبب صلافة العدوان الإسرائيلي المباشر على قنصليتها، إلى درجة أنّ الإيرانيين طلبوا مخرجا يجنّبهم الرد، مثل إدانة مجلس الأمن قصف القنصلية الإيرانية في دمشق''، على حد تعبير بشارة.
ولفت بشارة إلى أنّ اقتصاد إيران لا يحتمل حربا، ثم أنّ حربا كبيرة تهدّد طهران بأن تخسر إنجازا تاريخيا عمل حكامها عقودا للوصول إليه، هي السيطرة على بلدان عربية والوصول إلى مياه المتوسط وتحولها إلى قوة مهيمنة مباشرةً وعن طريق وكلاء مشددا على أنّ إيران ''لا تريد حربا لا من أجل فلسطين ولا من أجل غيرها''.
وفي إطار قراءته لمستقبل الصراع الإيراني-الإسرائيلي، توقّع بشارة أن يتواصل النشاط العدواني الإسرائيلي ضد إيران، وأن يستمر ''النشاط الاستخباري التخريبي ضد إيران وداخلها، لكن أن تذهب طائرات إسرائيلية لقصف إيران أو أن تقصفها بصواريخ من دون تنسيق مع الحلفاء، فإنّ هذا لا يريده الأمريكيون بشكل عام وفي سنة انتخابات بشكل خاص''.
واستطرد موضّحا أنه بعد السابع من أكتوبر، ''تغيّرت قواعد الاشتباك، وأصبحت شروط اندلاع الحروب أصعب مما كانت عليه سابقا''، وهو ما يظهر على جبهة لبنان أولا، وفي الفعل الحربي بين إيران وإسرائيل حاليّا.
وفي هذا السياق، لاحظ بشارة أنّه في قضية الحروب، الرئيس الأمريكي جو بايدن بدا أكثر جرأة بكثير من الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو ما ظهر في أوكرانيا أولا، وفي غزة في مرحلة لاحقة.
وعن احتمال تجاوز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الخط الأمريكي الأحمر الرافض اندلاع حرب شاملة في المنطقة، ذكّر المفكر العربي، في حواره مع التلفزيون العربي، بأنّ نتنياهو ''ليس كليّ القدرة، ذلك أنّ هناك مؤسسات في إسرائيل لا يمكنه تجاوزها، وهناك أمريكا لا يمكنه معاكسة مصالحها، والأمريكيون غاضبون لأنّ نتنياهو لم ينسق معهم قبل قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وهناك رفض أمريكي قاطع للرد الإسرائيلي على الرد الإيراني''.
وخلص إلى أنّه رغم تمتع نتنياهو بهامش واسع من المناورة، إلّا أنّه يصعب أن يصل به الأمر إلى حدّ أن ينفّذ ما ترفض أمريكا فعله بشكل حاسم مثل قصف إسرائيل المفاعلات النووية الإيرانية مثلا، لأنّ هذا يؤدّي إلى حرب أكيدة لا تريدها أمريكا.