عقد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اجتماعه بتاريخ 20 جوان 2024 واستعرض التطورات الاقتصادية والمالية الأخيرة على الصعيدين الدولي والوطني وآفاق التضخم على المدى المتوسط.
فعلى الصعيد الدولي، استمر الانفراج التدريجي لنسق تطور الأسعار عند الاستهلاك خلال الأشهر الأخيرة وإن بوتيرة بطيئة نسبيا. وتشير آخر التوقعات على المستوى الدولي إلى توجه بطيء للتضخم نحو النسب المستهدفة للبنوك المركزية، بالعلاقة مع الضغوط التصاعدية المسلطة من قبل أسعار المنتجات الأساسية والمواد الأولية.
وعلى الرغم من التفاؤل النسبي السائد في الأسواق تجاه تيسير نقدي معمّم، فإن التوقعات بشأن تضخم مستمر ستظل تزن بثقلها على توجهات السياسة النقدية للبنوك المركزية للاقتصادات الرئيسية.
أما على الصعيد الوطني، فقد ارتفع النمو الاقتصادي بشكل معتدل، أي بنسبة 0,2٪ (بحساب الانزلاق السنوي) في الربع الأول من سنة 2024. وتشير آخر مؤشرات الظرف الاقتصادي المتاحة إلى تحسن تدريجي للنشاط خلال الربع الثاني من السنة، حيث أنه سيتدعم بفضل انتعاش النشاط في القطاع الفلاحي وتعزيز أنشطة قطاع الخدمات.
وعلى صعيد آخر، تقلص العجز الجاري إلى مستوى -1.581 مليون دينار (أو -0,9٪ من إجمالي الناتج المحلي) في موفي الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2024، مقابل -3.596 مليون دينار (أو -2,3٪ من إجمالي الناتج المحلي) في العام السابق. ويعزى ذلك، بالأساس، الى استمرار انخفاض العجز التجاري (فوب-كاف) والذي بلغ -6.413 مليون دينار (مقابل -8.101 مليون دينار في موفي شهر ماي 2023)، مدعوما بالأداء الجيد لقطاع زيت الزيتون. ولولا استمرار اتساع عجز الطاقة، الذي ارتفعت حصته من العجز التجاري من 57,8٪ في الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2023 إلى 77,6٪ خلال نفس الفترة من العام الحالي، لكان الميزان الجاري قد حقق فائضا.
وتواصل تدعم الاحتياطيات من العملة الأجنبية حيث بلغت 23.620 مليون دينار (أي ما يعادل 108 أيام من التوريد) بتاريخ 19 جوان 2024 مقابل 22.728 مليون دينار (أو 98 يوما من التوريد) قبل سنة.
وعلى مستوى الأسعار عند الاستهلاك، استقرت نسبة التضخم في مستوى 7,2٪ (بحساب الانزلاق السنوي) في شهر ماي 2024 مقابل 9,6٪ قبل ذلك بسنة، وذلك بفضل الانفراج النسبي للتضخم الأساسي "دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة"، الذي بلغ 7,3٪ في شهر ماي مقابل 7,5٪ في الشهر السابق وذلك على الرغم من تسارع نسق ازدياد أسعار المواد الغذائية الطازجة (10,8٪ في ماي مقابل 9,7٪ في أفريل 2024).
وتشير آفاق الأسعار عند الاستهلاك إلى انفراج تدريجي للتضخم، لكنها لا تزال محاطة بمخاطر تصاعدية، تظل نشطة على المدى القصير والمتوسط، حيث أنها قد تنشأ على وجه الخصوص من تصاعد الأسعار العالمية للمواد الأساسية والطاقة على خلفية تفاقم التوترات الجيوسياسية، ومن الإجهاد المائي، فضلا عن وضعية المالية العمومية خاصة في غياب تعبئة الموارد الخارجية.
ويعتبر المجلس أن المخاطر المحيطة بالمسار المستقبلي للتضخم تستدعي توخّي الحذر والتأني، حيث أنه من المهم مواصلة دعم مسار تقارب التضخم نحو مستويات مستدامة. وقد قرّر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي التونسي دون تغيير، في مستوى 8٪.