ثقافة و فن

أيام قرطاج السينمائية في دورتها الـ35 تكرم خميس الخياطي

 قرر القائمون على النسخة الـ35 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية، المزمع تنظيمها هذا العام في الفترة الممتدّة بين الـ14 والـ21 من ديسمبر المقبل، تكريم الصحفي والناقد السينمائي التونسي الراحل خميس الخياطي وتثمين مسيرته المهنية التي تطوّرت بالتوازي مع مسار المهرجان.

وخميس الخياطي الذي وافته المنية في الـ18 من جوان الجاري، كان عاشقا للسينما وشغوفا بها منذ الستينات، حيث كان عضوا في الجامعة التونسية لنوادي السينما، برئاسة الطاهر شريعة.
ابن المهرجان وحاميه
ومع تأسيس شريعة سنة 1966 لأيام قرطاج السينمائية بهدف الدفاع والترويج للسينما العربية والإفريقية الناشئة، والتي كانت الأولى من نوعها في المنطقة والقارة، انطلقت مسيرة خميس الخياطي مع المهرجان.
كان طالبا في علم الاجتماع والأدب والحضارة العربية في باريس، وخصّص أطروحة الدكتوراه لرائد السينما الواقعية المصرية صلاح أبوسيف.
تعاون صحفيا وناقدا سينمائيا مع عدد كبير من وسائل الإعلام الفرنسية، حيث أسّس مجلة  “السينما العربية” الناطقة بالفرنسية، كما عمل ناقدا في إذاعتَيْ “فرنسا الثقافية” و”RFI”، وفي برنامج التلفزيون متعدّد الثقافات “موزاييك” على قناة “فرانس 3″، وكان أيضا ضمن لجنة اختيار الأفلام لأسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي الدولي.
درّس السينما العربية في جامعة باريس 3، ثم أصبح مسؤولا عن مكتب الصحافة في معهد العالم العربي.
وفي إنجلترا، كان عضوا في هيئة تحرير الصحيفة المؤيدة للفلسطينيين والناطقة بالعربية “اليوم السابع”، قبل أن يعود إلى تونس، حيث قدّم برامج سينمائية متخصّصة بالتلفزة الوطنية، وأصبح أيضا رئيس تحرير قسم الثقافة في جريدتَيْ “الصباح” و”حقائق”.
كما تولى الراحل خلال العديد من الدورات مسؤولية النشرية اليومية لأيام قرطاج السينمائية، وخصّص في عام 2016 كتابا متفردا يحتفي بخمسينية المهرجان.
دافع الخياطي عن حق الموجة الجديدة من صناع السينما العربية في حرية التعبير والإبداع عبر أعمال وتجارب تكشف حقائق مجتمعاتهم، أحيانا بما لا يتوافق مع سينما “الدعاية الرسمية” التي كانت مرغوبة في ذلك الوقت من قبل بعض الأنظمة.
ولهذا السبب، كان الراحل يؤكّد دائما عبر مقالاته وكتبه، البعد الاجتماعي وأهميته التي أصبحت حاسمة لهذه الأصوات السينمائية الشابة، رجلا صاحب مبادئ لا يخشى الجدالات.
فخميس الخياطي أكثر بكثير من مجرد صحفي ناطق باللغتين العربية والفرنسية واكب من خلال مقالاته ومقابلاته وصوره، أخبار السينما العربية والإفريقية، فهو مناضل حقيقي التزم على امتداد مسيرته بقضية السينما التونسية والعربية الجديدة، خاصة السينما الفلسطينية، التي خصّص لها العديد من الكتب.
الخياطي الكاتب والرائي
كتب باللغتين العربية والفرنسية، وأصدر العديد من الكتب التي اهتمّت في مجملها بالشأن السينمائي على غرار: “فلسطين والسينما”، و”النقد السينمائي”، و”عن السينما المصرية”، و”صلاح أبوسيف.. مخرج مصري”، و”إشكالية التعبير السينمائي الفلسطيني”، و”نجوم بها تهتدون”، و”بحثا عن الصورة.. سينما وتلفزيون”، و”من ذاكرة أيام قرطاج السينمائية”، و”السرد السينمائي العالمي” و”سياسة المخرجين” وغيرها الكثير.
وفي جوان 2022، قدّم الراحل برواق “حمادي الصيد” بمدينة الثقافة بالعاصمة تونس، معرض صور فوتوغرافية جاء بالأبيض والأسود تحت عنوان “شغف الصورة”، انقسم إلى 3 أقسام أساسية، هي: قسم أوّل، اهتم بالسينما التونسية ورموزها، على غرار: الطاهر شريعة، والنوري بوزيد، وأحمد بهاء الدين عطية، وفتحي الخراط، وفريد بوغدير، والطيب الوحيشي، وفوزي ثابت، والطيب الجلولي، ونادية عطية، ومحمد دمق، ورضا الباهي، ونجيب عياد، وعبداللطيف بن عمار، ومفيدة التلاتلي، ومحمود بن محمود، والفاضل الجعايبي، والمنصف شرف الدين.. وغيرهم.
وقسم ثان اهتم بالسينما العربية ورموزها على غرار: صلاح أبوسيف، ويوسف شاهين، ورمسيس مرزوق، وحسين فهمي، وآثار الحكيم، وتوفيق صالح، وأحمد الراشيدي، وخيري بشارة، والجيلاني الفرحاتي، وغيرهم.
فيما اهتمّ القسم الثالث بالسينما العالمية وبعض رموزها على غرار: مارسالو ماستيريانو، وفيتوريو قاسمان، وقاستون كابوري، وجون ماري ستوب، وجاكلين بيسي، وفيرنا ليزي، وغيرهم.
وإشادة بالمسيرة النضالية لخميس الخياطي في خدمة الفن السابع العربي والإفريقي والمتماهية مع الموقف الدائم لأيام قرطاج السينمائية، مُنح الراحل “التانيت الشرفي” في حفل اختتام المهرجان سنة 2021، تقديرا لثراء تجربته وتفرّدها، وقد ظل على امتداد هذه المسيرة المهنية محافظا على تواضعه الفطري ولم يبخل خلالها على شباب المهنة السينمائية بالنصح والإرشاد.