الخرف هو مصطلح يستخدم لوصف الأعراض التي تحدث عندما يكون هناك انخفاض في وظائف الدماغ. ويُعد مرض الزهايمر النوع الأكثر شيوعاً من الخرف.
هناك مجموعة من الأمراض التي يمكن أن تسبب الخرف. ترتبط العديد من هذه الأمراض بتراكم غير طبيعي للبروتينات في الدماغ. ويؤدي هذا التراكم إلى جعل الخلايا العصبية تعمل بشكل أقل جودة لتموت في نهاية المطاف. ومع موت الخلايا العصبية، تتقلص مناطق مختلفة من الدماغ.
وفي حين لا توجد طريقة معينة للوقاية من جميع أنواع الخرف، حيث لا يزال الباحثون يحققون في كيفية تطور الحالة، لكن بعض الأدلة على أن نمط الحياة الصحي يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف عندما يكبر الفرد.
أهمية نمط الحياة الصحي في الوقاية من الخرف
يمكن أن يساعد نمط الحياة الصحي في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية، والتي تُعد في حد ذاتها عوامل خطر للنوعين الأكثر شيوعاً من الخرف وهما: مرض الزهايمر والخرف الوعائي.
ومع التقدم في السن، قد تكون لدى الفرد مخاوف بشأن زيادة خطر الإصابة بالخرف، خصوصاً إذا كان واحداً أو كثر من أفراد عائلته قد أُصيب به.
لكن مع الأسف، لا توجد طرق أثبتت فاعليتها حتى الوقت الحاضر، في الوقاية من مرض الزهايمر والخرف المرتبط به. ومع ذلك، كما هو الحال مع العديد من الأمراض الأخرى، قد تكون هناك بعض الخطوات التي تساهم في تقليص خطر الإصابة.
ما عوامل خطر الإصابة بالخرف؟
يمكن السيطرة على بعض عوامل الخطر، فيما لا يمكن السيطرة على عوامل أخرى. على سبيل المثال، لا يستطيع الشخص التحكم في عمره، وهو أكبر عامل خطر لمرض الزهايمر والخرف المرتبط به، كما لا يمكن السيطرة على الجينات؛ فالأخيرة هي هياكل في خلايا الجسم تنتقل من الوالدين الحقيقيين للشخص.
عرفك وجنسك هما أيضاً عاملان يؤثران على المخاطر، حيث تُظهر الأبحاث أن الأمريكيين من أصل أفريقي، والهنود الأمريكيين، وسكان ألاسكا الأصليين لديهم أعلى معدلات الإصابة بالخرف، وأن عوامل الخطر قد تختلف بين النساء والرجال، فيما يحقق الباحثون في أسباب هذه الاختلافات.
لكن في المقابل يمكن للأفراد السيطرة على سلوكهم وأسلوب حياتهم، مما قد يؤثر على خطر الإصابة بأمراض معينة. على سبيل المثال، ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر رئيسي لأمراض القلب. ويمكن أن يساعد خفض ضغط الدم عن طريق تغيير نمط الحياة أو تناول الأدوية في تقليل خطر إصابة الشخص بأمراض القلب والنوبات القلبية.
وعلى سبيل المثال، لقد حدد الباحثون وجود علاقة بين ارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية ثم أكملوا التجارب السريرية لتحديد أن خفض ضغط دم الشخص من شأنه أن يقلل بالفعل من احتمال الإصابة بنوبة قلبية. هذا لا يعني أن الأشخاص الذين يخفضون ضغط الدم لديهم بالتأكيد لن يصابوا بنوبة قلبية. لكنه يقلل بشكل كبير من فرص حدوثها.
بالنسبة لمرض الزهايمر والخرف المرتبط به، لم ترتفع أي عوامل سلوكية أو نمط حياة إلى مستوى قدرة الباحثين على القول بأن "القيام بذلك سيمنع هذه الأمراض بالتأكيد"، ولكن هناك سبل واعدة.
نصائح قد تساهم في تقليل خطر الإصابة بالخرف
رغم عدم وجود علاج فعّال أو الوقاية المؤكدة للخرف والزهايمر الأكثر انتشاراً، إلا أن اتباع نمط حياة صحي قد يساعد بشكل عام في معالجة عوامل الخطر المرتبطة بهذه الأمراض، ولعل أبرزها:
السيطرة على ارتفاع ضغط الدم
ارتفاع ضغط الدم له آثار ضارّة على القلب والأوعية الدموية والدماغ، ويزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والخرف الوعائي. قد يساعد علاج ارتفاع ضغط الدم بالأدوية وتغيير نمط الحياة الصحي، مثل ممارسة الرياضة والإقلاع عن التدخين، في تقليل خطر الإصابة بالخرف.
ضبط مستوى السكر في الدم
يمكن أن تؤدي المستويات الأعلى من المعدل الطبيعي لسكر الدم أو الجلوكوز إلى الإصابة بمرض السكري وقد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وضعف الإدراك والخرف.
لذلك فإن اتخاذ خيارات غذائية صحية وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتوقف عن التدخين وفحص مستويات الجلوكوز يمكن أن يساعد في إدارة نسبة السكر في الدم.
الحفاظ على وزن صحي
السمنة وزيادة الوزن يرفعان مخاطر الإصابة بالمشاكل الصحية ذات الصلة مثل مرض السكري وأمراض القلب. يمكن أن يساعد النشاط المستمر واختيار الأطعمة الصحية في الحفاظ على وزن صحي.
اعتماد نظام غذائي صحي ومتوازن
يجب محاولة تناول مزيج من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون والمأكولات البحرية والدهون غير المشبعة مثل زيت الزيتون ومنتجات الألبان قليلة الدسم أو غير الدهنية والحدّ من الدهون والسكريات الأخرى.
ممارسة الرياضة
يملك النشاط البدني العديد من الفوائد الصحية، مثل المساعدة في الوقاية من زيادة الوزن والسمنة وأمراض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم.
لذا، يُنصح بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني متوسط الشدّة كل أسبوع.
النشاط الذهني
يمكن أن تساعد الكثير من الأنشطة في إبقاء عقلك نشيطاً، بما في ذلك القراءة، ولعب ألعاب الطاولة، وصياغة أو ممارسة هواية جديدة، وتعلم مهارة جديدة، والعمل أو التطوع، والتواصل الاجتماعي وغير ذلك.
لذلك يُنصح بالبقاء على تواصل مع العائلة والأصدقاء. والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية يمكن أن يمنع العزلة الاجتماعية والوحدة، والتي ترتبط بمخاطر أعلى للتدهور المعرفي ومرض الزهايمر.
علاج مشاكل السمع
إن فقدان السمع قد يؤثر على الإدراك ومخاطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن، ويمكن أن يزيد من صعوبة التفاعل مع الآخرين.
لذا، من الضروري حماية الأذنين من الأصوات الصاخبة للمساعدة في منع فقدان السمع واستخدام المعينات السمعية إذا لزم الأمر.
العناية بالصحة النفسية والجسدية
وذلك من خلال إجراء الفحوص الصحية الموصى بها، وإدارة المشاكل الصحية المزمنة مثل الاكتئاب أو ارتفاع نسبة الكوليسترول، والتحقق بانتظام من الطبيب الخاص بك.
النوم الجيد
النوم الجيد مهم للعقل والجسم على حد سواء. لذا، يجب الحصول على سبع إلى ثماني ساعات من النوم كل ليلة.
وفي حال عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، أو المعاناة من اضطرابات النوم، والأرق، فمن الضروري اللجوء إلى اختصاصي في أمراض النوم.
التوقف عن التدخين
يمكن أن يؤدي التوقف عن التدخين بكافة أشكاله، وفي أي عمر، إلى تحسين صحتك وتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الرئة.
حماية الرأس من الإصابات
يجب اتخاذ خطوات لمنع السقوط وإصابة الرأس، مثل حماية منزلك من السقوط وارتداء أحذية ذات نعال غير قابلة للانزلاق، وارتداء أحزمة الأمان والخوذات للمساعدة في حمايتك من الارتجاجات وإصابات الدماغ.
وفي الختام نشير إلى أنه لا يمكن للباحثين التأكيد والجزم النهائي، بأن إجراء تغييرات نمط الحياة المذكورة أعلاه سيحمي من الخرف، ولكن هذه التغييرات مفيدة لصحتك، وجميعها ضرورية كخيارات صحية مع التقدم في السن.