وطنية

عصيدة الزقوقو : ميزة ذكرى المولد النبوي في تونس

 تحيي تونس والأمة الإسلامية ذكرى المولد النبوي الشريف اليوم الأحد 15 سبتمبر الموافق ليوم 12 ربيع الأول 1446 هجري.

ويتميز إحياء هذه الذكرى الدينية في تونس باحتفالات وتقاليد تتوارثها العائلات جيلا بعد جيل تبنى على الالتزام بالتقاليد الأصلية التي دأب الأجداد على احيائها .. لعل أبرزها إعداد عصيدة "الزقوقو"
وهو طبق يقدّم صبيحة المولد ويهدى عادة للأقارب والجيران.
وتتكون عصيدة من الزقوقو بالأساس من حبات الصنوبر الحلبي التي تنتجها جبال الشمال الغربي التونسي، والدقيق (الطحين) والسكر والنشا والحليب. وتزينها الفواكه بعض الجافة مثل البندق والفستق واللوز والجوز وقطع صغيرة من الحلوي.
- حركية في الأسواق لشراء الزقوقو
تبدأ الاحتفالات أياما قبل حلول يوم المولد النبوي من قبل العائلات التونسية حيث تتهافت الأغلبية لشراء حبات الصنوبر وما يلزمها من فواكه جافة كل حسب مقدرته الشرائية
وتدخل هذه الاحتفالات حركية استثنائية على الأسواق والمحلات المتخصصة في بيع الفواكه الجافة فيما يدخل ارتفاع الطلب على لوازم العصيدة
ونتيجة الإقبال الكبير على شراء الزقوقو قبيل المولد، تشهد أسعار هذه المادة ارتفاعا لافتا من عام لآخر. وقد فاق سعر الكيلوغرام الواحد 50 دينارا خلال هذه السنة بعد ان كان لا يتعدى 12 دينارفي أوائل العشرية الماضية.
ويعتبر اعداد العصيدة مكلّفا من الناحية المادية بسبب ارتفاع أسعارمكوناته وخاصة منها الزقوقو والفواكه الجافة ، إذ لا تقل التكلفة لاعداد عصيدة الزقوقو عن 100 دينار
- اعداد الزقوقو
تقوم ربات البيوت باعداد عصيدة الزقوقو عشية المولد، وعندما يفرغن من إعدادها يضعنها في أطباق من البلّور صغيرة ومتوسطة الحجم ويقمن بتزيينها بالفواكه الجافة.
علاوة على عصيدة الزقوقو ، يوجد نوع اخر من العصيدة يسمى ''بالعصيدة العربي'' ، تقوم بعض العائلات صبيحة يوم المولد باعدادها وهي تتكون من دقيق السميد أو الفرينة ويضاف اليها العسل والسمن أو قليل من الزبدة والسكر.
 
ودخلت "عصيدة الزقوقو" في العادات الغذائية في تونس سنة 1864 عندما شهدت البلاد ثورة شعبية بقيادة علي بن غذاهم ضد نظام محمد الصادق باي، وفق الباحث في التراث التونسي عبد الستار عمامو.
وقال عمامو في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء إن "ثورة علي بن غذاهم" تزامنت مع مجاعة ناجمة عن جفاف حاد في تونس مما اضطر سكان بعض المناطق في الشمال الغربي حيث تتوفر اشجار الصنوبر الحلبي الى استهلاك" الزقوقو "الذي يتشابه في تركيبته مع حب الدرع.''
وأضاف أن ''استهلاك الزقوقو انتهى بنهاية المجاعة ولم ترجع عادة استهلاكه إلا خلال السبعينات من القرن الماضي، ليصبح مثل الموضة التي انتشرت بين العائلات، وصار استهلاكه لدى البعض دلالة على الرفاه الاجتماعي لارتفاع كلفته.''
وذكر المتحدث بأن "سكان تونس العاصمة، والمدن الكبرى أيضا، كانوا يربطون في القديم بين استهلاك عصيدة الزقوقو، وبين الفقر، في إشارة إلى المجاعة التي ذكرتها المصادر التاريخية والراجعة إلى عام 1864".
تجدر الاشارة أن الاحتفال بالمولد النبوي في تونس يعود الى عصر الدولة الفاطمية. وبعد أفول العهد الفاطمي أحيت الدولة الحفصية الاحتفالات بالمولد ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر في عهد السلطان أبي فارس عبد العزيز الحفصي الذي عرف عنه تشجيع الاحتفالات الدينية ذات الطابع الفلكلوري.