في فلك العشق الإلاهي، تدور فصول مسرحية "روضة العشاق " للمخرج معز العاشوري. وفي عوالم صوفية تأخذ حلقات الذكر والسماع والتجلي الجمهور إلى رحلة من الصفاء والانعتاق الروحي.
ضمن باقة العروض التونسية لأيام قرطاج المسرحية، احتضنت مدينة الثقافة مساء الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 مسرحية "روضة العشاق" للمخرج معز العاشوري.
في رؤية طريفة يقترح عرض "روضة العشاق" مقاربة بين طقوس التصوف و التقنيات المسرحية.
يتحدث العرض عن مجموعة من المريدين يمارسون تمارين روحانية يقودهم شخص يلقب بالمريد الصادق. فيتم القبض عليهم من طرف الأمن العام ويقتادون للتحقيق بتهمة إثارة الفتة في المجتمع و محاولة تغيير نمط عيشه. ينتشر خبر اعتقال المريدين ويتسبب في غليان الشارع وتتطوع محامية للدفاع عنهم مما يجعل المنظومة الأمنية في موقف محرج، فتحاول الخروج منه بأخف الأضرار.
بعيدا عن النموذج السائد للمسرح الاجتماعي أو السياسي، اختار المخرج وكاتب النص معز العاشوري البحث والتجديد من خلال الاشتغال على المدونة الصوفية في تونس متطرقا للرؤى الفلسفية والفكرية والروحية للطرق الصوفية على خشبة المسرح الطقوسي.
في بطولة لكل من شهاب شبيل ورامي شارني وهيفاء بولكباش وعبد السلام جمل وإسكندر هنتاتي وأمان الله توكابري وعبد الحميد فرح ومهدي علوشي ومأمون بن علي وريان رحموني ومحمد سفينة وخلود مونة... نجح الممثلون في تقديم لوحات سردية، شاعرية وأخرى متضرعة وخاشعة في رحلة ما بين الأرض والسماء، ما بين العالم الدنيوي والعالم الديني...
في لغة شاعرية، وسفر ممتع على متن لغة الضاد اختار عرض "روضة العشاق" أن يحدّث جمهوره بلسان عربي فصيح. هو نوع من إعادة الاعتبار إلى اللغة الأم وتأكيد على ثراء مفرداتها وتفرد معانيها الصالحة لكل زمان ومكان.
على مستوى السينوغرافيا اتخذت الستائر الشفافة أكثر من دلالة ورمزية، فقد تتخذ موضع الحجاب بين عالم المادة وعالم الجوهر، ومن ورائها يقوم المريدون بطقوسهم ويناجون الذات الإلاهية ويتخلصون من أدران الحياة/ الدنيا.
إن فاضت "روضة العشاق" بمناخات صوفية وارتحلت إلى سماوات الوجد... فإنها تلتبس بالواقع وتتورط في منطق المصلحة الذي يحكمه. فالسلطة السياسية التي أزعجها تصوف المتصوفة تحاول أن تشتت شملهم و تفريق وحدته وحتى شراء ذمهم ... وفي مواجهة سلطة السلطة تكون سلطة الحب أقوى، ويكون نداء العشق أقوى من أي تهديد أو استقطاب .