في وفاء لسيرة رجل مسرح يعتبر من الرواد والآباء المؤسسين للمسرح التونسي ومن الفنانين الملهمين لأجيال من الممثلين والمخرجين تحتفي أيام قرطاج المسرحية بالراحل علي بن عيّاد من خلال معرض وكتاب من إعداد الباحث محمد الميّ.
يحتضن البهو السفلي في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي معرضا للصور الفوتوغرافية يوثق أعمال الفنان المسرحي الراحل علي بن عياد (1930-1972)، وذلك في إطار فعاليات الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية.
ويتواصل المعرض إلى غاية 30 نوفمبر الجاري في استعراض لمجموعة من الصور النادرة التي توثق لمسيرة علي بن عيّاد أو أسطورة المسرح التونسي كما عنون محمد المي مدخل كتابه ومعرضه.
في هذا المعرض، تحدّث الصور عن مسار رجل مسرح استثنائي رحل منذ أكثر من خمسة عقود ، ولا يزال الركح يحتفظ باسمه الخالد وببصمته الاستثنائية في نحت ملامح المشهد المسرحي التونسي.
ولأنّ الأثر المكتوب كما الصورة هما ذاكرتنا حين ننسى، بادر محمد المي بإعداد كتاب خاص يوثق لمعرض علي بن عيّاد ولمسيرته ولأثره تحت عنوان ''ذاكرة العدسة: علي بن عياد ''.
ويتضمن الكتاب أكثر من مئة صورة ووثيقة نادرة عن حياته وأعماله، بالإضافة إلى دراسة تاريخية تتعلق بأثره في تطوير المسرح التونسي.
وبين دفتي الكتاب، يجد القارئ سردا مستفيضا عن حياة هذا الفنان ودوره المحوري الذي لعبه في حركة المسرح الحديث في تونس خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين.
في تقديم كتاب ''ذاكرة العدسة: علي بن عياد''، يقول المؤلف محمد المي: هل يمكن التغافل عن ذكر علي بن عياد أو تناسيه أو محوه من ذاكرة المسرح التونسي ؟ طبعا لا ودون استغراق ولو للحظة واحدة في التفكير لا من منطلق أخلاقي ، حضاري بل لأنه لا يمكن تجاهل علي بن عياد .
هذا العصامي الذي لم تتقطع سراويله على مقاعد المعاهد والكليات بل لم ينل شهادة الباكالوريا استطاع أن يحقق أسطورة المسرح التونسي بل كان أسطورته كما قال ذلك الأستاذ الشاذلي القليبي : " سيدخل علي بن عياد - بفضائله ونقائصه وما أثاره من انتقاد للأجيال لدى البعض وإعجاب لدى الآخرين إلى الأسطورة التي هي من خصائص المسرح ".
وعن المسار المتفرد لعلي بن عيّاد، يقول محمد المي: " في أقل من عشر سنوات قدم علي بن عياد لريبارتوار المسرح التونسي والعربي أكثر من ثلاثين عملا أي بمعدل ثلاثة أعمال أو أكثر في السنة الواحدة ؟ وكأنه كان يسابق الموت أو يسعى لتحقيق هدف قبل فوات الأوان، موته كان حتمية تاريخية لم تتعود تونس ولا البلاد العربية على طاقة خلاقة ومبدعة ومنتجة في حجم هذا الفتى الوسيم الذي قلب المعطيات وحزك سواكن المسرح التونسي وأخرجه من حال إلى حال حتى أنه يمكن الحديث عن المسرح التونسي قبل علي بن عياد والمسرح التونسي بعد علي بن عياد. فقياسا على التأريخ بقبل الميلاد وبعد الميلاد يصح أن نقول إن مسرح علي بن عياد هو لحظة ميلاد المسرح التونسي الذي أشع خارج الحدود ومثل تونس في المحافل الدولية."