في إطار المحافظة على التظاهرات المرجعية التي عرفت بها دار سيبستيان خلال شهر رمضان المعظم يعود موعد ليالي القمر في دورة جديدة تمتد من 13 إلى غاية 21 مارس 2025 بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات، دار المتوسط للثقافة والفنون، لتضيء سهرات دار سيبستيان بمزيج من الحكاية والموسيقى والمسرح.
هذه الدورة تحمل بصمة خاصة، إذ تركز على الحكاية الشعبية وتفرعاتها، ليس باعتبارها خرافة خيالية، بل بوصفها روايات مستوحاة من أحداث تاريخية، صاغها الزمن وأعادت الأجيال تشكيلها عبر الحكاية والأغنية والمسرح.
على إيقاع البيانو الأسود العتيق، الذي يحتفظ بصدى عقود من الإبداع، ينطلق البرنامج مع عطور الحمامات لكورال ذكرى، ثم تتوالى العروض التي تستلهم الحكاية الشعبية بروح جديدة. من باب البحر لروضة عبد الله، الذي يستعيد قصص البحر والأسفار، إلى حكايات متوسطية يرويها عبد الستار عمامو، حيث تتداخل الذاكرة الجماعية مع تفاصيل التاريخ المنقول شفويًا.
ويأخذنا فسيفساء أندلسية لسفيان الزايدي إلى زمن الحضارة الأندلسية التي لا تزال قصصها تتردد في وجداننا، بينما يعيد عرض الأميرة وناسة زهرة الأيام لزهيرة بن عمار إحياء القصص التي شكلت المخيال الشعبي. أما حكايات صوفية لمحمد علي شبيل، فهي استحضار للحكمة والتجربة الروحية التي تناقلتها الأجيال عبر الرواية والسماع.
ويكتمل البرنامج بأغانٍ تحمل في طياتها روح الحكاية، مثل يا خيل سالم للبنى نعمان، ويا زهرة في خيالي لنوال بن صالح، وصولًا إلى Comme au bon vieux temps بصوت لينا بن علي، الذي يعيدنا إلى زمن الأغنية التي تحولت إلى إرث مشترك بين الأجيال.
وتمثل هذه التظاهرة اذن فرصة لاكتشاف أبعاد جديدة من التعبير الفني عبر دمج مختلف أشكال الأداء من خلال عروض تتسم بالإبداع في دمج الأداء الموسيقي مع فن الحكي، مما يساهم في خلق تجربة فنية متكاملة تنقل الحضور إلى أبعاد ثقافية غنية.
في ليالي القمر، لا تُروى الحكايات لمجرد التسلية، بل لإعادة اكتشاف التاريخ في صيغته الشعبية، حيث تلتقي الذاكرة الفنية بالقصص التي ظلت حية في وجدان المجتمعات.