كشف المخرج عبد الحميد بوشناق عن حجم الإرهاق النفسي الذي رافقه خلال العمل على مسلسل رڨوج، معتبرًا إياه أكثر أعماله إنهاكًا. وأوضح أن الجزء الأول كان بمثابة مقدمة طبيعية، لكن نجاح القصة بأكملها تحقق في الجزء الثاني، حيث تجاوز التوقعات وأثبت مكانته في الساحة الدرامية.
لم يكن بوشناق يومًا من المخرجين الذين يكتفون بعمل واحد يظل الأفضل في مسيرتهم، بل يسعى دائمًا إلى تجاوز نجاحاته السابقة، كما فعل مع النوبة، الذي كان تحديًا بحد ذاته. ورغم ذلك، حرص على أن يكون رڨوج متفوقًا عليه، مما تطلب جهدًا كبيرًا وتفانيًا استثنائيًا.
يعترف بوشناق خلال حديثه في "بودكاست رشمة" بأن فريقه لعب دورًا كبيرًا في تحفيزه ومنحه الشجاعة للمضي قدمًا، لكنه في الوقت نفسه وضعه أمام تحدٍّ صعب، إذ اعتاد الفريق على أسلوبه وأصبح يدفعه دومًا لتقديم الأفضل. ورغم طموحه في تقديم محتوى مميز، كان دائمًا يخشى أن لا يُفهم من قِبَل الجمهور، لذلك لجأ إلى استشارة أصدقائه وفريقه بشكل مستمر لضمان توازن رؤيته الفنية مع توقعات المشاهدين.
أما عن مستقبل رڨوج، فقد لاحظ الجمهور أن نهاية الجزء الثاني كانت مفتوحة، مما أثار التساؤلات حول إمكانية إنتاج جزء ثالث. إلا أن بوشناق أكد أنه لا يفكر حاليًا في ذلك، مشيرًا إلى أن إنتاجه يتطلب ميزانية ضخمة، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل ضعف الإنتاج التلفزيوني الحالي. وأوضح أنه اضطر إلى التراجع عن بعض مطالبه المالية لتسهيل إنتاج العمل، خصوصًا أن قناة نسمة لا تستطيع تحمل تكاليفه بمفردها.
من جهة أخرى، أشار إلى مطلب متكرر من النقاد يتمثل في إنتاج مسلسل تاريخي عن تونس، لكنه يرى أن مجرد إنجاز مسلسل عادي بعدة حلقات يشكل تحديًا بحد ذاته. ولفت إلى أن الأعمال التاريخية تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، مستشهدًا بمسلسل معاوية، الذي بلغت تكلفته ما يعادل مجموع ميزانيات المسلسلات التونسية كافة، ما يجعل إنتاج عمل تاريخي محلي بنفس المستوى أمرًا شبه مستحيل حاليًا.
وفي سياق حديثه عن تطور الذوق العام، اعتبر بوشناق أن العديد من المسلسلات القديمة لو عُرضت اليوم لواجهت انتقادات وهجومًا إعلاميًا حادًا، لكن حظها أنها قُدمت في زمن لم يكن فيه الفيسبوك حاضرًا بقوة، وهو ما ساعدها على تجنب الجدل الذي يرافق الأعمال الحديثة.
أما على الصعيد الفني، فقد عبّر عن إعجابه الكبير بالممثل صابر الوسلاتي، الذي جسد شخصية الديناري في رڨوج، مشيدًا بقدرته على مجاراته في النقاشات السياسية والتاريخية، إضافة إلى خبرته الواسعة التي جعلته أحد أبرز الممثلين في المشهد الدرامي.
واختتم بوشناق حديثه بتأكيده على تجنّب الأعمال السهلة، فرغم قدرته على كتابة فيلم أو مسلسل يمكن للمشاهد تقبّله بسهولة، إلا أنه يفضّل خوض التحديات، حتى لو كانت هناك احتمالية للفشل. فهو يرى أن محاولة تحويل الفشل إلى نجاح أكثر قيمة وإلهامًا من تحقيق نجاحات تقليدية دون مخاطرة.