شرع مجلس نواب الشعب في مناقشة مقترح قانون يهدف إلى إحداث خطة "مدرّس التربية على وسائل الإعلام والاتصال" في مختلف المراحل التعليمية، وذلك في ظل التحولات الرقمية المتسارعة وارتفاع منسوب الأخبار الزائفة والمحتويات الخطرة الموجهة للناشئة.
تقدم بالمبادرة 82 نائبًا، معتبرين أن هذه المادة لم تعد ترفًا تربويًا بل حاجة ملحّة. واعتبر النائب بلال المشري أن المبادرة "فرضها الواقع"، في ظل هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على وعي الشباب، مضيفًا أنها أداة فعالة لتنمية الحس النقدي لديهم. أما النائب فوزي الدعاس، صاحب المبادرة، فرأى في المشروع "فرصة طال انتظارها من قبل أبناء الصحافة"، ومجالاً عمليًا لتفعيل دورهم في بناء جيل ناقد وواعٍ.
المقترح دخل رسميًا حيز المناقشة بعد إحالته إلى لجنة التربية للتداول مع الأطراف المتداخلة، على غرار معهد الصحافة وعلوم الإخبار والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وفي حال المصادقة عليه، يُعرض على الجلسة العامة ثم يُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة والنشر في الرائد الرسمي ليصبح نافذًا.
.jpg)
لكن في المقابل، عبّر الممثل المسرحي مهذب الرميلي عن رفضه، معتبرًا أن إدراج مادة جديدة يزيد من الضغط على التلميذ، ومتسائلًا عن أهلية خرّيجي معهد الصحافة لتدريس هذه المادة. واعتبر المشروع محاولة "لحل أزمة البطالة على حساب التوازن التربوي".
الردود لم تتأخر، حيث نشر الصحفي أحمد حمدي تدوينة دافع فيها عن أهمية المقترح، مشيرًا إلى أن التربية الإعلامية تُمكّن التلميذ من التمييز بين المعلومات الجيدة والمضللة، وتُنمّي مهاراته في التعبير وصناعة المحتوى.
وأصدر عدد من طلبة وخريجي معهد الصحافة بيانًا عبّروا فيه عن دعمهم الكامل للمبادرة، معتبرين إياها "استثمارًا في وعي الأجيال القادمة" وتنصيصًا "مستحقًا على كفاءاتهم". كما أعلن أساتذة المعهد دعمهم الرسمي للمقترح، واعتبروه جزءًا من سياسة عمومية تستجيب لتحديات العصر الرقمي.
ورغم هذا الدعم، لا يزال المشروع يواجه عقبات سياسية وإدارية محتملة، على غرار تزاحمه مع مشاريع قوانين كبرى، وتحفظات وزارة التربية بخصوص توقيت إدراجه وعدد الساعات، إلى جانب مقترحات دمجه في مادة التربية المدنية، وهو ما يرفضه المؤيدون باعتباره تفريغًا للمحتوى.

وبين من يعتبرها خطوة استراتيجية لإصلاح التعليم، ومن يراها استجابة ظرفية لمطلب التشغيل، تبقى التربية على وسائل الإعلام أكثر من مجرد مادة مدرسية، بل رهانًا على وعي الأجيال القادمة في مواجهة عصر يعج بالمعلومات المضللة والخطابات الخطرة.