ثقافة و فن

24 عطرا : سيمفونية الهوية التونسية تتألق في مهرجان الحمامات الدولي

اجتمع جمهور مهرجان الحمامات الدولي في دورته التاسعة والخمسين في سهرة الجمعة 25 جويلية، في لحظة مشحونة بالرمزية حيث تزامن العرض الموسيقي "24 عطرا – نجوم سمفونية" مع الذكرى 68 لإعلان الجمهورية التونسية. وحمل هذا العرض توقيع المؤلف والموزع الموسيقي محمد علي كمون وقدم قراءة معاصرة في التراث الموسيقي التونسي من مختلف جهات البلاد الأربع والعشرين.

بدأت السهرة بالنشيد الوطني التونسي، وقد وقف الحاضرون في انضباط تام تحية للعلم الوطني. وكان الجميع يدرك أن رمزية هذا اليوم ستحتفي بخطاب فني بمضامين وطنية وثقافية.

وجاء العرض "24 عطرا - نجوم سمفونية" في مجموعة فصول تضمّ كل منها عددا من القطع الموسيقية المستلهمة من خصوصيات ولايات الجمهورية. ويقوم كل عطر منها على مقاربة صوتية تمزج بين اللحن والذاكرة وبين الإيقاع والصورة حيث يصبح كل "عطر" لوحة موسيقية تحكي عن منطقة وعن امرأة وعن طقس شعبي أو إيقاع منسي.

تفتّحت أولى العطور من مدينة زغوان حيث أدى الفنان ريان قريشي موشحات من المالوف الأندلسي تحية لتاريخ المدينة وعلاقتها بالأندلس. وامتدت "العطور" إلى جربة مع وسيم وسلاتي الذي أدى "قلب يريد"، ثم إلى قرقنة حيث قدّم الثنائي محمد علي واردة وفتحي غرس الله أغنيتي "مولا الشاش" و"حافلة في زروقا" في مرافقة عزفية وكوريغرافية أعادت إلى الأذهان إيقاعات البحر وصور الجزر. أما البعد الصوفي فقد حضر بقوة من خلال استعادة حضرة دار شعبان والحضرة النسائية لسيدي بوجعفر بصوت منجية الصفاقسي.

وعبر العرض بالجمهور إلى جهة الكاف في لوحة بعنوان "عطور الأطلس الشاوي" مزجت بين الطرب والغناء الشعبي من خلال أداء منجية الصفاقسي لأغنية "ناقوس يتكلم"، تلاها الثنائي أسامة النابلي ومحمد صالح العيساوي في "مرض الهوى قتالة" حيث ارتفع معها إيقاع العرض وتفاعل معها الجمهور تعبيرا بالرقص والتصفيق.

وكانت إطلالة الطفل مهدي دهان على الركح ليعزف على البيانو مرفقا بالطفلة لينا عوالي التي أدت أغنية "قدّم قدّم" من التراث المحلي لمدينة الحمامات، مفاجأة سارة بالنسبة إلى الجمهور، إذ لم تكن هذه الإطلالة فقط لإدماج الناشئة وإنما هي تأكيد على انتقال التراث عبر الأجيال وعلى أهمية تلقينه في سياقات فنية حية.

واختتم العرض بإيقاع الأرض وألوان إفريقيا ترجمه مزيج من الإيقاعات الفلكلورية الإفريقية التي تجذر الموسيقى التونسية في عمقها القاري مثل السطمبالي ورقصة بوسعدية بما تحمله من رموز للحكمة الطهارة والخصوبة.