أمام مدرّجات غصّت بالجمهور العاشق لصوت يحمل دفء الشرق، أحيا الفنان اللبناني وائل جسار سهرة فنية مساء السبت 26 جويلية 2025، ضمن فعاليات الدورة الـ59 لمهرجان الحمامات الدولي. كانت أمسية رومانسية بامتياز، امتزج فيها الحنين بالشجن، والعذوبة بالقوة، فغنّى وائل وأطرب، وردد معه الجمهور الكلمات وكأنه يروي قصته الخاصة.
منذ اللحظة الأولى، كان الانسجام بين الفنان وجمهوره لافتا، فقد استُقبل بتصفيق حار وابتسامات حب، وبادل الحاضرين الامتنان والتحية، مؤكّدا سعادته بالعودة إلى مسرح الحمامات وبتفاعل الجمهور مع كل نغمة.
افتتح جسّار السهرة بأغنية "مهما يقولوا"، ثم انتقل إلى "كل وعد" و"غريبة الناس"، فاهتزت المدرجات طربا مع "بتوحشني"، التي بعثت دفعة من الحنين في أرجاء المسرح.
واصل وائل جسّار رحلته الصوتية بين محطات العاطفة والذكريات، فغنّى "مشيت خلاص"، ولم يغفل عن استحضار الزمن الجميل بأداء رائعته لأم كلثوم "ألف ليلة وليلة"، التي أعاد من خلالها الحضور إلى طربيات الستينات والسبعينات.
ولم تخلُ السهرة من لمسة الوفاء، إذ أدّى "نسم علينا الهوى" مستحضرا روح فيروز ومدرستها، ومهديا الأغنية إلى روح الفنان زياد الرحباني الذي غيّبه الموت في نفس اليوم، 26 جويلية، في لحظة صادقة ومؤثرة.
وبإحساس مرهف، أدّى أيضا "خدت كل الناس" و"مليون مرة أحبك"، قبل أن يفاجئ الجمهور التونسي بأداء أغنية "أصل الزين في العينين" لمحمد الجموسي، في تحية مؤثرة للتراث الموسيقي التونسي، رددها الجمهور بفخر واعتزاز.
كانت سهرة وائل جسار في مهرجان الحمامات رحلة موسيقية رفيعة، توزعت بين أغانيه الخاصة واستحضار عمالقة الطرب، في أداء متقن جمع بين الرقي والدفء، وأكد أن مهرجان الحمامات ما زال منصة تحتضن الأصوات التي تحمل هوية الفن الأصيل.
ويواصل مهرجان الحمامات الدولي برمجته، حيث يضرب موعدا جديدا مع جمهور الأغنية الملتزمة، في سهرة اليوم الأحد 27 جويلية، التي يحييها أبناء الحي المحمدي: فرقة "ناس الغيوان" المغربية، برصيدها الثري الذي أحدث ثورة فنية منذ السبعينات، وواصل رسم ملامح موسيقى شعبية بنَفَس صوفي وشعر ملتزم.