تشهد تونس ارتفاعًا مقلقًا في عدد وفيات حوادث المرور، حيث سجّل المرصد الوطني لسلامة المرور زيادة بنسبة 9.13% في عدد القتلى منذ بداية عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ليصل عدد الوفيات إلى 458 قتيلًا، أغلبهم من الشباب والكهول. وخلال الفترة من 1 إلى 20 مارس 2025، تم تسجيل 901 حادث مروري أسفر عن 222 حالة وفاة، رغم تسجيل انخفاض طفيف عن العام الماضي.
ويُعدّ تعاطي الكحول أثناء القيادة من العوامل الرئيسية المسبّبة لهذه الحوادث المميتة، إذ أظهرت الدراسات أن القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات تلعب دورًا كبيرًا في حوادث المرور في تونس.
لكن ما يزيد الأزمة تعقيدًا هو غياب الإجراءات والبدائل العملية التي تساعد السائقين الذين استهلكوا الكحول على الوصول إلى منازلهم بأمان، مثل تطبيقات النقل أو خدمات التاكسي التي تمكّنهم من التنقل دون قيادة مركباتهم في حالة غير آمنة. هذا النقص في توفير وسائل نقل بديلة يُمثل ثغرة كبيرة في استراتيجية السلامة المرورية، حيث لا توجد حتى الآن مبادرات واضحة أو منصات إلكترونية تدعم السائقين في اتخاذ قرار النقل الآمن، ما يساهم بشكل مباشر في ارتفاع نسبة الحوادث المرتبطة بالكحول.
كما أن وزارة الصحة والجهات المعنية لم تطوّر برامج أو تطبيقات تُسهّل على المواطنين الوصول إلى خيارات نقل آمنة بعد استهلاكهم للكحول، على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول التي تعتمد سياسات متكاملة للحد من حوادث السير.
ويُحيلنا هذا الوضع إلى ضرورة إطلاق تطبيقات أو خدمات نقل ميسّرة مخصصة للسائقين غير القادرين على القيادة بأمان، مع تنظيم حملات توعية تشجع على استخدام وسائل النقل البديلة بدل المجازفة بالقيادة تحت تأثير الكحول. كما ينبغي دعم التعاون بين وزارتي الصحة والداخلية وقطاع النقل لتوفير حلول عملية وفعّالة لهذا التحدي.
إن توفير بدائل نقل آمنة يُعد خطوة حاسمة لإنقاذ الأرواح وتقليل الوفيات الناتجة عن حوادث المرور في تونس، وينبغي أن يكون جزءًا من استراتيجية وطنية شاملة للسلامة المرورية.