تمرّ اليوم ثلاث سنوات على صدور المرسوم عدد 54 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022، والمتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات والاتصال، في ظل سياق سياسي واجتماعي تتصاعد فيه الانتهاكات الممنهجة لحرية التعبير ومحاولات إخضاع الصحافة وترهيب الصحفيين والناشطين.
منذ صدوره، شكّل هذا المرسوم مصدر قلق بالغ لدى الهياكل المهنية والمنظمات الحقوقية والصحفية، وطنية ودولية، لما يتضمنه من صياغات فضفاضة تمنح السلطات صلاحيات واسعة في الملاحقة القضائية، وتعرّض الصحفيين والمواطنين لعقوبات قد تصل إلى السجن لمجرد التعبير عن آرائهم أو نشر معطيات حول الشأن العام.
خلال السنوات الثلاث الماضية، استُخدم المرسوم بشكل ممنهج لاستهداف الصحفيين والمدونين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث تمّت محاكمة المئات بتهم تتعلق بنشر ''أخبار زائفة'' أو ''الإساءة للغير''، ما أسفر عن خلق مناخ من الخوف والرقابة الذاتية في المؤسسات الإعلامية.
إن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تجدد رفضها القاطع للمرسوم 54 باعتباره أداة قمع لا تتماشى مع المعايير الدولية لحرية التعبير والصحافة، وتؤكد أن:
- حرية التعبير والصحافة حقوق دستورية لا يجوز المساس بها تحت أي ذريعة.
- مكافحة الأخبار الزائفة لا تتم بالقوانين الزجرية، بل عبر ضمان النفاذ إلى المعلومة وتشجيع الصحافة المهنية وتعزيز التربية الإعلامية.
- المرسوم 54 بصيغته الحالية يُشكّل تهديدًا مباشرًا لمهنة الصحافة ويُستعمل لتكميم الأفواه وتصفية الحسابات السياسية.
وعليه، تطالب النقابة بما يلي:
- الإسراع بتنقيح المرسوم 54 عبر لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب، بما يضمن توازنًا بين حرية التعبير وحماية المعطيات الشخصية دون المس بحقوق المواطنين والصحفيين.
- وقف كل الملاحقات القضائية الجارية ضد الصحفيين والمدوّنين بمقتضى هذا المرسوم، والإفراج الفوري عن كل من تمّ إيقافهم.
- فتح حوار وطني شامل بمشاركة كل الهياكل المهنية ومنظمات المجتمع المدني لصياغة سياسات إعلامية تضمن حرية التعبير.
- احترام الدولة لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- تفعيل دور الهيئات الرقابية مثل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، وضمان استقلاليتها وفعاليتها.
تؤكد النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أن حرية الصحافة ليست ترفًا، بل الضامن الأساسي للديمقراطية والمساءلة والشفافية، وأن أي تراجع عنها يعني تراجعًا عن جوهر دولة القانون الديمقراطية.