كتب- منذر بالضيافي
تحولت جلسة مساءلة وزيرة السياحة أمال كربول وزميلها في الحكومة الوزير المكلف بالأمن رضا صفر على خلفية دخول مجموعة من السياح الاسرائليين لتونس منذ أيام. الى قضية رأي عام وطني بامتياز، برزت من خلال تضامن واسع وغير مسبوق، من قبل كافة فئات الشعب التونسي لا مع الوزيرين وانما لحكومة جمعة كلها، تضامن تم التعبير عنه في صفحات التواصل الاجتماعي، ومختلف وسائل الاعلام اذاعية ومرئية ومكتوبة. وتجلى بالخصوص هذا التضامن مع الوزيرة الشابة أمال كربول. في تأكيد على مساندة شعبية لهذه المرأة، التي تحولت الى ايقونة حكومة مهدي جمعة. والتي رأي فيها التونسيين، عنوان بارز لعمق حركة التحديث التي ميزت تونس، وهي نتيجة تراكم لحركة الاصلاح، التي انطلقت منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، واستمرت بل وتجذرت مع دولة الاستقلال.
***
ان أمال كربول، هي أنموذج للمرأة التونسية، التي استطاعت أن تثبت وجودها في الحراك الاجتماعي والسياسي وكذلك الاقتصادي والتنموي، من هنا فان حالة الانتصار والمساندة لكربول، هي في الواقع تتجاوز شخص السيدة الوزيرة، فهي تعبير عن المكانة والدور المحورى، الذي تلعبه المرأة في تونس الحديثة، فلا يمكن أبدا الحديث عن مجتمع حيوي بدون امرأة متحررة ومشاركة بندية للرجل في الشأن العام. وهذا ما تأكد من خلال الحضور القوي للسيدة أمال كربول في المشهد التونسي الجديد، الذي بدأت ملامحه تتوضح مع حكومة الكفاءات المستقلة برئاسة مهدي جمعة.
***
لقد أثبتت الوزيرة، ومنذ اليوم الأول وتحديدا يوم عرض تركيبة الحكومة لنيل ثقة التأسيسي، وبرغم صغر سنها وخلو ذهنها من الحسابات السياسية والايديولوجية، أن لها من الكاريزمة وقوة الشخصية في التعامل مع الوضع الجديد الذي شاء القدر أن يضعها فيه. من ذلك أنها تعاملت بكل ثقة ومسؤولية مع "الحملة" التي استهدفتها، ودائما باسم "التطبيع" و "الثورجية" و "العنتريات" التي أصبحت ممجوجة، وأصبحت محل سخط من التونسيين، الذين وبعد ثلاثة سنوات من "الفوضى الخلاقة"، رأوا نقطة ضوء تسرى من النفق المظلم الذي كادت تدخله بلادنا. ولعل الوزيرة التي لها من التجربة والكفاءة والانفتاح على العالم الحر بدون قيود ومركبات، بل بكل ثقة واقتدار جعلها تتحول الى عنوان لبارقة أمل، في اعادة مصالحة تونس مع تراثها الاصلاحي التنويري، واحياء لقيم العمل والفعل الحضاري.
***
حرصت الوزيرة منذ اليوم الأول لها في الحكومة على اختيار فرض نمط وأسلوب جديد في العمل. وهذا ما عاينته مباشرة من خلال تتبع نشاط الوزيرة، وكذلك من خلال معاينة أدائها على الميدان. حيث لاحظت – وأنا أجلس اليها – وجود حماس ورغبة بل ارادة في النجاح وفي كسب التحدى. بعيدا عن البروتوكولات التي تعطل في كثير من الأحيان الفعل والابداع والتميز. وليس في هذا – كما قد يذهب في تصور البعض – تقربا أو تزلفا للسيدة الوزيرة، أو التموقع ضمن زمرة تعمل على الترويج للوزيرة ومن ورائها لحكومة جمعة. فهذه الممارسة لا تفيد بل أنها أصبحت مستهجنة، وتذكر التونسيين بأسلوب التزلف ومنطق المناشدة الذي تجاوزته الأحداث.
***
ولعل الحضور الاعلامي والاتصالي للوزيرة اضافة الى اختيارها نهج العمل الميداني بهدف الوصول الى تحقيق نتائج بكل نجاعة وبراغماتية بعيدا عن الحسابات السياسوية. هو ما ميز السيدة الوزيرة، وجلب لها احترام الداخل والخارج. بل أنها وبدون مبالغة تحولت الى ظاهرة اعلامية وسياسية. ما مكن من اعطاء صورة جديدة لتونس، برزت من خلال الحظوة التي قوبل بها رئيس الحكومة خلال زياراته الى واشنطن وباريس. وهي صورة يمكن توظيفها للترويج للديمقراطية الناشئة، وتأكيد على عبقرية الأنموذج التونسي، الذي توصل الى ابتكار حالة توافق، تؤسس لبناء جبهة وطنية ديمقراطية. ولعل تركيبة حكومة جمعة في حد ذاتها تعبر عن المسار الذي يجب أن تنتهجه تونس لكسب رهان المستقبل. وكسب المستقبل لا يكون الا عبر اعطاء الفرصة كاملة لكفاءات شابة من مثل السيدة أمال كربول.
***
وزيرة السياحة أمال كربول، تحظى باهتمام التونسيين، خاصة من قبل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك الإعلام والسياسيين، وذلك من خلال التركيز على تفاصيل حياتها، وحتى الخاصة منها جداً، مثل اللباس ونمط العيش. وهذا ما يجعل من الوزيرة الشابة مرشحة لمزيد من الاهتمام الإعلامي والشعبي، فهي "مثيرة للجدل" في كل شيء، وهي تحوز على تضامن واسع من قبل التونسيين الذين رأوا فيها نموذجاً للمرأة التونسية المتحررة والقادرة على تقديم صورة عن مكانة المرأة في تونس، إضافة إلى أنها عامل إيجابي في الترويج للسياحة ولصورة تونس الجديدة.
تزدان صفحات "فيسبوك" بصور وتصريحات الوزيرة كربول، وتبرز بابتسامتها الحلوة ووجهها المشرق، معبرة عن الأمل الذي يحدو التونسيين في تجاوز الأزمات السياسية والأمنية التي تردت إليها البلاد بعد ثلاث سنوات من الثورة. صورة الوزيرة كربول، بابتسامتها وملابسها الملونة تبعث برسائل أمل في استئناف مسار الحياة في تونس وفي السياحة مثلما كانت عليه قبل 14 يناير 2011، وقد ألهبت فعلاً صوره الوزيرة مواقع التواصل الاجتماعي .