في مسرحية "جرّ محراثك فوق عظام الموتى"، يطرح المخرج مهند كريم سؤالًا صادمًا: ماذا لو قررت الحيوانات الانتقام من البشر؟
المسرحية، المقتبسة عن رواية البولندية الحائزة على نوبل للآداب 2018 أولغا توكارتشوك، تقدم عرضًا احتجاجيًا حادًّا عبر إنتاج جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، وتمثل الإمارات العربية المتحدة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية.
تدور الأحداث في قرية نائية محاطة بغابة كثيفة، حيث تظهر سلسلة من الجرائم الغامضة ضد الصيادين. مع تصاعد العنف، يحدث صدام شرس بين الإنسان والطبيعة، فيسائل العرض علاقة البشر بالحيوانات، ويطرح تساؤلاً ملحًّا: هل تشكّل الحيوانات تهديدًا أم أنّ قسوة البشر تجاهها هي التي أطلقت دورة الانتقام؟
في هذا العالم المسرحي، تتحول الحيوانات من ضحايا إلى محاسبين للبشر، فتقتلهم وتنتقم منهم على أنانيتهم وجشعهم وتعديهم على الطبيعة. منذ المشهد الأول، يشعر المتلقي بضيق العالم واتساع الألم، إذ يبدو أنّ الحرية مجرد وهم، والحضارة مجرد شكل من أشكال التوحش، والمجتمع الحديث يبتلع الإنسان والحيوان معًا.
تركز المسرحية على صراع مزدوج: الحيوانات بوصفها ضحية وفي الوقت نفسه جهة مُدانة. فتسائل العرض: ماذا لو انتفضت الطبيعة ضد عبث الإنسان؟ هل يستحق الإنسان المحاكمة على قسوته؟
أسلوب المخرج يجمع بين المسرح والسينما، مع سرد غير خطي يعتمد على مشاهد متداخلة، وأصوات ورسائل متقاطعة، لتشكيل كولاج بصري وفكري يمزج بين الواقع والرمزية، وبين السخرية السوداء والبعد الفلسفي.
السينوغرافيا تعتمد على تقنية "الفيديو مابينغ"، بينما يسيطر الفضاء القاتم على المشاهد، لتبدو الخشبة وكأنها "قفص" أو "حظيرة" تتصارع فيه قوى الإنسان والحيوان. الإضاءة الباردة تعكس القسوة، والموسيقى تزيد من إحساس التيه والخطر.
في النهاية، يدعو العرض المشاهد للتفكير: من يملك الحق في الحياة؟ ومن يقرر مصير الآخر؟ وهل نحن أفضل فعلاً من الكائنات التي نستهين بها؟