شهد اليوم الرابع من أيام قرطاج السينمائية (13-20 ديسمبر 2025) حضورًا لافتًا لعدد من السينمائيين والنقاد والمهتمين بالشأن الفني، خلال المائدة المستديرة المعنونة "السينما العربية الجديدة"، التي أدارها الإعلامي أمين بن حمزة، وجمعت أهم الفاعلين في المشهد السينمائي العربي، من بينهم المخرج السوداني أمجد أبو العلا، السوري أحمد الحاج، المخرجة الفلسطينية نجوى النجار، العراقي محمد جبارة الدراجي، المخرجة الأردنية زين دريعي، والمخرجون المصريون أمير رمسيس، تامر السعيد، محمد صيام، إضافة إلى الناقد أحمد عاطف الدرة والمركبة هبة عثمان، ومن تونس عفاف بن محمود، إبراهيم لطيف، فارس العجيمي، بمشاركة مدير الدورة 36 محمد طارق بن شعبان.
افتتحت عفاف بن محمود النقاش مؤكدة على ظهور أشكال تعبير جديدة في السينما العربية، حيث أعادت التغيرات في العقد الماضي تشكيل الرؤى الفنية للشباب، بينما ركّز إبراهيم لطيف على الصعوبات التي تواجه السينما المستقلة وقيود التمويل الحالية.

من جانبه، أرجع أمجد أبو العلا تميز السينما العربية اليوم إلى حرية التعبير والمضامين المختلفة للأعمال مقارنة بالتجارب السابقة، في حين أبرز محمد جبارة الدراجي الطابع الاجتماعي للأفلام العراقية الأخيرة.
وأشار المنتج التونسي فارس العجيمي إلى أن سوق السينما أحيانًا يفرض نوعية ومضامين الأفلام، فيما سلّط أحمد عاطف الدرة الضوء على احتكار الإنتاج والتوزيع ودور الدولة وصندوق دعم السينما، بينما شدّدت زين دريعي على أن تمويل الأفلام غالبًا ما يرتبط بالممولين الذين يسعون لفرض توجهات على المخرج، دون مراعاة رؤيته الفنية الخاصة.
وعن ظروف إنتاج السينما في مناطق الصراع، دافعت نجوى النجار عن فكرة أن بعض الدول مثل فلسطين والسودان وسوريا، تمرّ بأزمات تجعل اختيار المواضيع موجهًا وفق الواجب الوطني، معتبرة أن التمويل تحت هذه الظروف يمثل تحديًا كبيرًا.
وختم محمد طارق بن شعبان النقاش من منظور أكاديمي وبحثي مؤكدًا أن السينما العربية الجديدة تعكس التحولات الاجتماعية والسياسية في كل مجتمع، مشيرًا إلى أوجه الشبه مع الهزات العالمية الكبرى، مثل سقوط جدار برلين، وتأثيرها على مفاهيم الفن والسينما.
وتناولت المائدة المستديرة جوانب علاقة السينما بالجمهور، مصادر التمويل، الروابط بين المخرج والمؤلف والجهات المنتجة، والتحديات التي تواجه صناعة السينما العربية، في نقاش ثري استمر على مدار الجلسة، مؤكدًا أن السينما العربية الجديدة تشكل انعكاسًا للتغيرات العميقة في المجتمعات العربية اليوم.