المناخ الاجتماعي يزداد سوءا من يوم إلى آخر ولولا الأحداث الدامية التي شهدتها بلادنا مؤخرا لازداد الأمر استفحالا ولبلغنا منسوبا من التوتر أرفع بكثير مما يبدو الآن للعيان..
المفاوضات العامة للزيادة
في الأجور بعنوان السنة الفارطة تعطّلت لتباعد الثقة بين الطرفين الحكومي والنقابي.. وهذا ينضاف إلى قطع الحوار بين وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الثانوي وها نحن تقريبا في الربع ساعة الأخير للسنة الدراسية وامتحانات الثلاثي الثاني لم تجر بعد ولا شيء يفيد بحصولها في القريب العاجل وشبح السنة البيضاء يخيّم على أذهان الجميع تلاميذ وأولياء وأسرة تربوية والمجتمع بأسره أيضا...
ولا يكفي هذا فالنقابة العامة للتعليم الابتدائي، بدورها، قد أعلنت إضرابا عاما ليوم 15 أفريل وهي تهدد أيضا بمقاطعة الامتحانات لو لم تستجب الوزارة لمطالبها..
والذي يعلمه الجميع اليوم أن مختلف قطاعات الوظيفة العمومية هي في انتظار ما ستفضي إليه نتائج التفاوض (المنقطع) بين وزارة التربية ونقابة التعليم الثانوي، والواضح أنه لو حصلت حلحلة جدية في هذا الملف وتحصل المدرسون في الثانوي على ما يعتبرونه زيادة مجزية في الأجور والمنح فهذا سينعكس بدوره على سقف مطالب بقية القطاعات...
لقد أضحت المفاوضات الاجتماعية كالبطاطا السخنة، كل يريد التخلص منها، وزارات ونقابات عامة، ويلقي بها إلى «فوق» عساها تجد حلّها السحري في اللقاء المرتقب بين رئيس الحكومة والأمين العام لاتحاد الشغل.ولكن السؤال المحيّر هو هل يوجد مجال، ولو محدود، لاتفاق يرضي الطرفين؟ أي اتفاق يستجيب لجزء هام من مطالب قطاعات الوظيفة العمومية دون إثقال كبير للمالية العمومية؟
إلى حدّ الآن يرفض الطرفان تقديم الأرقام الإجمالية لمقترحاتهما المالية بل يكتفيان بعرض فلسفة كليهما للتفاوض..
الحكومة تقول بأن نسبة النمو لسنة 2014 كانت بحدود 2,3 % ولذا لا يمكن قبولها زيادة تتجاوزها لأن ذلك مناف لكل معقولية اقتصادية.. أي أننا سنكون - باعتبار الحجم الإجمالي للأجور - على الأقصى في حدود 300 مليون دينار بينما يطالب اتحاد الشغل بزيادات إجمالية ما بين 10 و15 % أي سنكون في حدود 1200 أو 1300 مليون دينار..
فلو افترضنا جدلا أن يلتقي رئيس الحكومة والأمين العام لاتحاد الشغل في منطقة وسط (أي في حدود 700 مليون دينار) فهل يرضى شغالو القطاع العام بهذا؟ أي هل سيرضون بمعدل زيادة للموظف الواحد بسبعين دينارا خاما شهريا أي زيادة صافية قد لا تصل - في المعدل - إلى خمسين دينارا شهريا؟!
فلو افترضنا جدلا هذا الحلّ بالنسبة لسنة 2014 ونظيرا له لسنة 2015 سيكون على الدولة تسخير حوالي مليار ونصف المليار من الدينارات أي في حدود 5 % من موازنة سنة 2015... فهل ستكون الحكومة قادرة على الإيفاء بهذه المبالغ دون اقتراض أجنبي؟
هذا هو السؤال المحوري والذي يجب أن تجيب عنه أهم الأطراف الاجتماعية خلال الأيام القليلة القادمة.
زياد كريشان