ضرب الارهاب بقوة مرة أخرى في تونس، وكان هذه المرة أكثر دموية وبشاعة وأكثر عمقا وتأثيرا على تونس، خاصة بعد ان انتقل الى المدن ليستهدف مرة اخرى السياحة التونسية والسياح الاجانب الوافدين على تونس.
واختار الارهاب اليوم أن يكون موجودا في عمق السياحة التونسية وفي أحد أهم الاقطاب السياحية في تونس وتحديدا في جوهرة الساحل سوسة بأحد نزل القنطاوي ليخلف 38 قتيلا وحوالي 40 جريحا من السياح الاجانب من مختلف الجنسيات البريطانية والالمانية والبلجيكية والفرنسية...، اضافة الى جرح 7 تونسيين من عمال النزل.
وتسبب هذا الهجوم الارهابي الجبان والغادر في ضربة موجعة الى تونس والتونسيين عامة باعتبارها استهدفت السياح والسياحة التونسية والاقتصاد التونسي..
وحسب ما تعرضت له تونس من هجمات ارهابية استهدفت الوحدات الامنية والجيش الوطني لتنتقل الى المدن لتستهدف السياح الاجانب، فقد تبين وجود ثغرات أمنية خاصة بعد حادثة باردو وسوسة الارهابيتين من شأنها أن تعيق الدولة في حربها على الارهاب الذي يهدد استقرار الدولة وتقدمها.
وأثبتت العمليات الارهابية التي استهدفت تونس حسب تسلسلها الزمني منذ اغتيال الشهيد شكري بلعيد ومحمد ابراهمي مرورا باغتيال عدد من الأمنيين وعناصر من الجيش الوطني الى حادثة استهدف السياح في متحف باردو وفي نزل القنطاوي بسوسة تأخر اصلاح المؤسسة الامنية، على الرغم من جميع الدعوات من مختلف الاطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني وعدد هام من الأمنيين، الداعية الى ضرورة اصلاح المنظمة الامنية وتطهير وزارة الداخلية من الخروقات خاصة بعد أن كثر الحديث منذ سنتين عن "الامن الموازي" الذي تسببت في تنامي الارهابي في تونس.
وتبين أيضا أن السلط المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية لم تقم الى اليوم بما يبرهن على أنها اتخذت اجراءات فعلية وجذرية للقضاء على العناصر الارهابية المنتشرة في كافة مناطق الجمهورية والتي تتحرك دون أي حسيب أو رقيب واخذ الاجراءات والاحتياطات اللازمة تجاههم.
وعلى الرغم من الناجحات الامنية التي تحدث عنها وزير الداخلية سابقا الا أن حادثة باردو و سوسة أثبتت أن تونس لم تحقق أي نجاح أمني يمكن الحديث عليه اليوم باعتبار أن وزارة الداخلية لم تقم باتخاذ الاجراءات الامنية الكافية ولم تكثف من جهودها خاصة بعد المعلومات الاستخباراتية الوارد على بلادنا من الجزائر وعدد من الدول الاجنبية والتهديدات الارهابية التي وصلت تونس من الجماعات الارهابية على الصفحات الاجتماعية وغيرها ، وتأمين المدن والمناطق الحوية المهددة من خلال تكثيف التواجد الامني لحماية النزل والمناطق السياحية خاصة خلال الموسم السياحي ...
وقد اثارت هذه العملية الارهابية الجبانة التي استهدفت السياح في تونس موجة من الانتقادات توجهت أساسا الى وزارة الداخلية، معتبرين أن هذه الاخيرة لم تقم الى الان بإصلاح ما بداخلها أولا وإصلاح المنظومة الامنية عامة والاكتفاء بالقيام ببعض التحويرات والتغييرات والنقل والاقالات التي ربما لن يكون لها تأثير بقدر الاصلاح الشامل للمؤسسة الأمنية، وتكثيف الرقابة وتشديدها في المدن والمناطق السياحية والمنشئات العمومية لحماية تونس من افة الإرهاب الذي يستهدف بلادنا.
وجدير بالذكر أن وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي، أقر "إنه كان من الممكن القضاء على الإرهابي عقب سقوط الضحية الثالثة أو الرابعة في حال كان هناك ما يكفي من التأمين المسلح"، مؤكدا وجود خلل مشترك في التعاطي مع هذه العملية بين أمن الدولة وأمن النزل وبالتالي فإن ضعف التنسيق وضعف التعاطي الأمني وضعف الاهتمام لما قد يحدث نتيجة هذا التسيب، كان سببا كافيا لحدوث هذه الكراثة الإنسانية البشعة.
ولا يمكن في هذا الاطار القاء اللوم على أصحاب النزل فقط باعتبار أن تأمين الأماكن والمناطق الحيوية هو من خدمات وزارة الداخلية أولا نظرا لما تكتسبه هذه الأخيرة من معلومات بخصوص التهديدات الإرهابية التي قد تستهدف بلادنا والسياحة التونسية في أي زمان ومكان
و كشفت هذه العملية الاجرامية والأكثر دومية في تاريخ تونس الحديث، عن وجود غياب لكل شكل من أشكال الحراسة والأمن في النزل وهو ما سمح للإرهابي بالتجول بكل حرية، من الشاطئ إلى بهو الفندق إلى الإدارة إلى المسبح المغطاة.. وفي طريقه حصد الأرواح التي اعترضته، بكل برودة دم ودون أدنى مقاومة تذكر، وهو ما يبين ان الإرهابي وجد سهولة في الحركة وتسبب في مجزرة إنسانية كارثية...
احمد الطاهري