قد يكون الاستمرار في المهمة أمرًا صعبًا، خاصة عندما نكون محاصرين بإلهاء مستمر. ففي عالم اليوم المتصل بالانترنت لا يحتاج التشتت أكثر من نقرة. حتى ونحن في قمة الهدوء والاسترخاء، يكون الإلهاء بمتناول يدك وتجد نفسك تتحقق من إشعارات Instagram أو آخر تحديثات الأخبار.
وتصبح هنا القدرة على التركيز وتوجيه الجهد الذهني تجاه شيء محدد أمرًا بالغ الأهمية لتعلم أشياء جديدة وتحقيق الأهداف والأداء الجيد عبر مجموعة متنوعة من المواقف. فسواء كنت تحاول إنهاء تقرير في العمل أو تتنافس في ماراثون، فإن قدرتك على التركيز يمكن أن تعني الفرق بين النجاح والفشل.
لحسن الحظ، التركيز يشبه لحد كبير العضلات العقلية، كلما عملت على بنائه، يصبح أقوى. ويمكن تحسين تركيزك الذهني، لكن هذا لا يعني أن الأمر سريع وسهل دائمًا، فلو كان الأمر بسيطًا، لحصلنا جميعًا على التركيز الحاد للنخبة.
فيما يلي بعض النصائح والحيل من علم النفس التي يمكن أن تساعدك على تطوير التركيز الذهني:
تقييم تركيزك العقلي
قبل أن تبدأ العمل على تحسين تركيزك الذهني، قد يتطلب البدء بتقييم مدى قوة تركيزك الذهني الحالي، وحدد أي المجموعتين التالية أقرب إليك لتتعرف إلى مدى تركيزك:
المجموعة الأولى
وإذا كان تركيزك جيداً فأنك:
• يسهل عليك البقاء في حالة تأهب
• يمكنك تحديد الأهداف وتقسيم المهام
• تأخذ فترات راحة قصيرة
المجموعة الثانية
• تراودك أحلام اليقظة دوماً
• لا يمكنك السيطرة على التشتت
• تفقد مسار تقدمك
إذا كان سلوكك يميل للمجموعة الأولى، فمن المحتمل أن يكون لديك بالفعل مهارات تركيز جيدة إلى حد ما، ولكن يمكنك أن تكون أقوى مع قليل من التدريب.
أما إذا كان سلوك يميل للمجموعة الثانية، فقد تحتاج للعمل على تركيزك العقلي قليلاً، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن ممارسة بعض العادات الجيدة والوعي بقابلية تشتيت الانتباه يمكن أن يساعدك.
تخلص من المشتتات
غالباً ما يستخف الناس بعوامل التشتيت التي تمنعهم من التركيز على ما يقومون به. وقد تأتي هذه المشتتات بطرق مختلفة كصوت صاخب أو ربما زميل عمل يدخل مكتبك باستمرار للدردشة.
التقليل من مصادر الإلهاء لا يبدو بالأمر السهل، ففي حين أن الأمر قد يكون بسيطًا كإيقاف تشغيل التلفزيون أحياناً، لكن قد تجد صعوبة أكبر في التعامل مع زميل في العمل أو الزوج أو الطفل أو زميل السكن. . تتمثل إحدى طرق التعامل هنا بتخصيص وقت ومكان محددين وطلب تركك بمفردك لفترة الزمنية. بديل آخر هو البحث عن مكان هادئ تعمل فيه دون إزعاج. قد تكون المكتبة أو المقهى الهادئ أماكن جيدة لتجربتها. ولا تأتي كل المشتتات من مصادر خارجية، فقد يكون من الصعب بشكل خاص تجنب الإرهاق والقلق والاضطرابات الداخلية الأخرى. وبعض الاستراتيجيات التي قد يمكن محاولتها هي التأكد أنك مرتاح جيدًا قبل المهمة واستخدام الأفكار والصور الإيجابية لمحاربة القلق والتوتر. إذا وجدت أن عقلك يتجه للأفكار المشتتة، قم بإعادة تركيزك بوعي للمهمة التي بين يديك.
في حين أن تعدد المهام قد يبدو طريقة رائعة لإنجاز الكثير بسرعة، فقد اتضح أن الناس في الواقع سيئون إلى حد ما في ذلك. يمكن أن يؤدي التوفيق بين مهام متعددة في وقت واحد لتقليل الإنتاجية ويجعل من الصعب صقل التفاصيل المهمة حقًا. ولا تنسى أن موارد التركيز محدودة لذا من المهم الاستفادة منها بحكمة. فكر في انتباهك كمصدر ضوء باستطاعة معينة، إذا سلطت الضوء منه على منطقة معينة يمكنك رؤية خفاياها بوضوح شديد. أما إذا نشرت نفس القدر من الضوء عبر غرفة مظلمة كبيرة، فلن ترى إلا خيالات في الظلام. وهنا نجد أنه يتعلق جزء من تحسين تركيزك الذهني بالاستفادة القصوى من الموارد المتاحة لديك. والتوقف عن تعدد المهام وأعط انتباهك الكامل لشيء واحد كل مرة.
عش اللحظة
من الصعب أن يظل انتباهك مركّزًا عندما تفكر في الماضي وتقلق بشأن المستقبل وتنغمس في الحاضر. . ربما سمعت عن أهمية أن تعيش اللحظة "التواجد". الأمر كله يتعلق بإبعاد المشتتات، سواء كانت مادية (هاتفك المحمول) أو نفسية (مخاوفك) والانخراط الذهني الكامل في اللحظة الحالية. إن الاستمرار في الانخراط بالحاضر يحافظ على انتباهك حادًا ويشحذ مواردك العقلية بالتفاصيل المهمة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن تعلم كيفية العيش حقًا في الحاضر، فلا يمكنك تغيير الماضي والمستقبل لم يحدث بعد، ولكن ما تفعله اليوم يمكن أن يساعدك على تجنب تكرار أخطاء الماضي ويمهد الطريق لمستقبل أكثر نجاحًا.
تدرب على التركيز المطلق
في إحدى الدراسات، شارك باحثون متخصصين في الموارد البشرية في عمليات محاكاة لهذا النوع من المهام المتعددة المعقدة التي يشاركون فيها كل يوم في العمل، وكان لا بد من إكمال هذه المهام في 20 دقيقة وتضمنت الرد على الهواتف وجدولة الاجتماعات وكتابة المذكرات مع مصادر المعلومات المتدفقة من مصادر متعددة بما في ذلك المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية.
تلقى بعض المشاركين 8 أسابيع من التدريب على استخدام التركيز المطلق، ووجدت النتائج أن أولئك أظهروا تحسنًا في التركيز والإنتباه. لقد كانوا قادرين على الاستمرار في المهمة لفترة أطول، والتبديل بين المهام بشكل أقل تكرارًا، وأداء العمل بكفاءة أكبر من مجموعات المشاركين الأخرى. يمكن أن تتضمن ممارسة التركيز المطلق تمارين اليقظة أوتعلم كيفية التأمل، ولكن يمكن أيضًا أن تكون بسيطة كتجربة تمرين سريع وسهل للتنفس العميق.
نصائح سريعة للحفاظ على التركيز
ابدأ بأخذ عدة أنفاس عميقة مع التركيز حقًا على كل نفس. عندما تشعر أن عقلك يبدأ بشكل طبيعي في الشرود، قم بتوجيه تركيزك برفق إلى التنفس العميق. في حين أن هذه قد تبدو مهمة بسيطة بشكل مخادع، فقد تجد أنها في الواقع أكثر صعوبة مما تبدو عليه. لحسن الحظ، فإن نشاط التنفس هذا شيء يمكنك القيام به في أي مكان وزمان. في النهاية، ستجد أنه من الأسهل فك الارتباط بالأفكار المتطفلة وإعادة تركيزك إلى حيث ينتمي.
خذ استراحة قصيرة
هل حاولت من قبل التركيز على نفس الشيء لفترة طويلة من الزمن؟ بعد فترة، يبدأ تركيزك في الانهيار ويصبح من الصعب أكثر فأكثر تخصيص مواردك العقلية لهذه المهمة. ليس ذلك فحسب، بل سيتأثر أداؤك نتيجة ذلك. ارجعت التفسيرات التقليدية في علم النفس هذا إلى استنفاد موارد الانتباه، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن الأمر يتعلق بميل الدماغ لتجاهل مصادر التحفيز المستمر. ووجد الباحثون أنه حتى أخذ فترات راحة قصيرة جدًا عن طريق تحويل انتباهك إلى مكان آخر يمكن أن يحسن التركيز الذهني بشكل كبير، لذا في المرة القادمة التي تقوم بها بمهمة طويلة، كإعداد الضرائب أو الدراسة لامتحان، تأكد من منح نفسك استراحة ذهنية بين الحين والآخر.
استمر بالتمرين
بناء تركيزك العقلي لا يحدث بين عشية وضحاها. حتى المحترفين يحتاجون الكثير من الوقت والممارسة لتقوية مهارات التركيز لديهم. تتمثل إحدى الخطوات الأولى في التعرف على تأثير تشتيت الانتباه على حياتك. وإذا كنت تكافح لتحقيق أهدافك ووجدت نفسك مشتتًا بتفاصيل غير مهمة، فقد حان الوقت للبدء بوضع قيمة أعلى لوقتك من خلال بناء تركيزك العقلي، وستجد أنك قادر على تحقيق المزيد والتركيز على الأشياء في الحياة التي تجلب لك النجاح والسعادة والرضا.