أثار خطاب رئيس الجمهورية مساء الاثنين ،الفارط 18 أفريل 2022 بمناسبة تكريم الفائزين في المسابقة الوطنية لحفظ القرآن، جدلا واسعا وحادّا في الأوساط السياسية والإعلامية نظرا لارتداء الرئيس ثوب رجل الدين وحديثه الى التونسيين طيلة 22 دقيقة عن المقاصد الاصلية للدين الإسلامي، وتقديم قراءته للفصل الأول من الدستور.
مناسبة اختار الرئيس ،أن يلقي فيها كلمة لبس فيها لباس الحدث فكانت خطبة دينية وأثارت هذه الخطبة انتقادا شديدا لسعيد من قبل الحزب الدستوري الحرّ،الذي اعتبر انه يستمد خطابه من 'مرجعية شيعية' تستند أساساً إلى فكر الخميني.
وقال الرئيس خلال اشرافه على موكب تسليم جوائز الفائزين في الدورة 53 للمسابقة الوطنية لحفظ القرآن الكريم، إن 'الدولة ذات معنوية أو شركة تجارية دينها الإسلام'، مضيفاً 'نحن نصوم ونصلي بأمر من الله، وليس بناء على الفصل الاول من الدستور'.وتابع بقوله 'الدستور لم يكن موجوداً سابقاً، والله هو من أمرنا بالصلاة والصوم والزكاة والشهادتين، وليس الدستور'.
ودفعَت هذه المقاربة الى حديث البعض عن توجّه سعيد لإلغاء الفصل الأول من الدستور، أو حذفه كلياً من الدستور الجديد الذي يشتغل عليه، بعدما عطّل أغلب فصول الدستور الحالي.
وينصّ الفصل الأول من دستور 2014 على أن «تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. لا يجوز تعديل هذا الفصل».
وعبر الحزب الدستوري الحر في بيان له الثلاثاء عن استنكاره خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الإثنين 18 أفريل خلال موكب توزيع جوائز الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم واصفا إيّاه بالصادم.
وبين الحزب في بيان صادر عنه نشره بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك أن 'الإطار الذي قدمت فيه كلمة سعيد يقترب من صبغة حلقة دعوية بإشراف داعية ديني لبث خطاب يتنافى مع ثوابت الدولة التونسية المدنية في خرق واضح لمبدإ الفصل بين الخطاب الديني والخطاب السياسي'.
واستهجن 'ما جاء بكلمة سعيد من تقزيم للدولة وعدم اعتراف بها كإطار منظم لعيش التونسيين يحفظ هويتهم وسيادتهم وحدودهم الجغرافية إضافة إلى تحقير الدستور الوضعي والمؤسسات الدستورية من برلمان وحكومة وتبني منطق الجماعات التكفيرية الظلامية' معبرا عن إدانته 'تشبيه سعيد الدولة بشركة تجارية بكل ما يعني ذلك من قابلية للبيع والشراء والتداول في الأسواق المالية' معتبرا ذلك 'إهانة للشعب وانحرافا خطيرا لا يمكن السكوت عنه'.
وندّد الحزب بـ'قبول الدولة التونسية بتحجيب الفتيات الصغيرات واغتيال براءتهن وطفولتهن والسماح بنشر الفكر الظلامي الذي يعتبر الطفلة الصغيرة عورة ويبيح بطريقة ضمنية الاعتداءات الجنسية عليها'.
وأكد رفضه 'استناد سعيد في أغلب كلماته الموجهة للشعب إلى المرجعية الشيعية السائدة في إيران والمخالفة للمرجعية الرسمية للدولة التونسية» معتبرا ان ذلك 'يعزز المخاطر حول التوجهات الدخيلة التي ينوي إسقاطها على التونسيين صلب اصلاحاته المزعومة التي سيجهزها في الغرف المظلمة باستغلال تجميع كافة السلط بيده مع حرمان المواطنين من حقهم في الطعن في مراسيمه المخالفة للدستور والمعاهدات الدولية في مجال الحقوق والحريات'.
وشدد على 'رفضه القاطع تزوير إرادة التونسيين والتستر وراء استفتاء غير شرعي ولامشروع بغاية الدفع بالنظام السياسي في تونس نحو نظام شبيه ومستوحى من تجربة الثورة الإيرانية وحكم آية الله روح الله الخميني'.
وطالب الدستوري الحر سعيّد بـ 'الاعتذار عما جاء في خطابه وسحبه من الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية واعتباره في حكم المعدوم» داعيا من أسماها بـ «القوى المدنية المؤمنة بمفهوم الدولة الوطنية ومبدإ الفصل بين الخطاب الديني والخطاب السياسي إلى رص الصفوف للتصدي لكل محاولات الإنحراف بالثوابت التونسية ومقومات النموذج البورقيبي وإعلان الرفض القاطع لتكريس النموذج الإيراني في تونس'.
وتحت عنوان 'الدولة هل تمرّ على الصراط؟'، كتب الباحث في الجماعات الدينية سامي براهم 'الدّولة شخصيّة معنويّة لا دين لها، لا يحاسبها الله ولا تمرّ على الصّراط. ولكنّها تحتكر وحدها إدارة الشّأن الدّيني الذي يتضمّن الحساب والصراط!'، في إشارة لخطاب سعيد.
وأضاف :'خطاب شعبويّ فضفاض متهافت مفرغ من المعنى. فالدولة مجازاً هي شخصيّة معنويّة لكنّها في الحقيقة أشخاص مكلفون بمهام بمقتضى تفويض وتعاقدات وعهود ومواثيق وأَيْمان يحاسبون على نقضها ونكثها والحنث بها في الدّنيا والآخرة'.
عواطف السويدي