كشفت "هيومن رايتس ووتش"، الثلاثاء 10 أكتوبر 2023، إنّ الحرس الوطني التونسي طرد جماعيًا أكثر من 100 مهاجر من دول من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الحدود مع الجزائر بين 18 و20 سبتمبر 2023.
وذكرت، في بيان صحفي لها، أنّ المطرودين، ومنهم أطفال وطالبو لجوء محتملون، كان قد تمّ اعتراضهم في البحر وإعادتهم إلى تونس من قبل الحرس البحري، وهو جزء من الحرس الوطني.
وأوضحت المنظمة الدولية أنّ هذه العمليّات قد تشير إلى تحوّل في السياسات التونسيّة، حيث كانت السلطات في السابق تُطلق سراح المهاجرين الذين يتمّ اعتراضهم في تونس بعد إنزالهم.
وقالت مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس، سلسبيل شلالي: "بعد شهرين فقط من عمليّات الطرد الجماعي اللاإنسانيّة للمهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة السود نحو الصحراء، تعمد القوّات التونسيّة مجددًا إلى تعريض الناس للخطر بتركهم في مناطق حدوديّة نائية، دون طعام أو ماء".
وأضافت شلالي أنّ "على الاتحاد الإفريقي وحكومات الأشخاص المتضرّرين أن يدينوا علنًا سوء المعاملة التي يلقاها أبناء قارّتهم الأفارقة في تونس، وعلى الاتحاد الأوروبي وقف كل أشكال التمويل المقدّم إلى السلطات المتورّطة في الانتهاكات"،حسب تعبيرها.
ونقلت منظمة هيومن رايتس ووتش عن بعض المهاجرين أيضًا أنّ أعوان الحرس الوطني ضربوهم وسرقوا ممتلكاتهم، بما فيها هواتفهم وأموالهم وجوازات سفرهم.
كما ذكرت أنها قابلت بين 20 سبتمبر و 3 أكتوبر ، رجلًا كاميرونيًا (38 عامًا)، وصبيًا غينيًا (17 عامًا)، وثلاثة صبيان سنغاليين (أحدهم عمره 18 عامًا والآخران 16 عامًا)، وجميعهم مقيمون بشكل غير نظامي في تونس. قالوا إنهم كانوا ضمن مجموعة كبيرة من الأشخاص من جنسيات إفريقيّة مختلفة، نُقلوا بالحافلات إلى الحدود الجزائريّة، مباشرة بعد اعتراضهم في البحر.
وتابعت هيومن رايتس ووتش أنّ "حوادث الطرد الأخيرة هذه إلى مناطق حدودية نائية تأتي في أعقاب عمليّات الطرد الجماعي التي نفذتها قوات الأمن في جويلية/يوليو لأكثر من 1300 مهاجر وطالب لجوء، منهم أطفال، نحو الحدود مع ليبيا والجزائر، فظلّوا عالقين هناك لعدّة أسابيع دون طعام وماء كافيين. وفقًا للسلطات الليبيّة، توفي 27 شخصًا على الأقل على الحدود".
كما كشفت المنظمة عن محدّثيها المهاجرين الأربعة الذين قابلتهم أنّ الحرس البحري التونسي اعترضهم في البحر يوم 17 سبتمبر، بعد ساعات من إبحار قاربهم من ساحل مدينة صفاقس في اتجاه إيطاليا. وأفادوا بأنّ المركب كان يحمل حوالي 40 شخصًا، منهم 15 امرأة ورضيعًا واحدًا.
و أوضحت رايتس وتش ، أنّ الأشخاص الذين قابلتهم ذكروا أنّه بمجرّد إنزالهم من القارب طلب منهم أعوان الأمن وثائقهم وسجلوا على ما يبدو بيانات بعض الذين وجدوا معهم وثائق هويّة. لكن أحد الصبيَّين البالغ عمرهما 16 قال إنّ الأعوان مزّقوا جواز سفره.
كما أكدوا، أنّ الحرس الوطني احتجز حوالي 80 شخصًا لعدّة ساعات في 17 سبتمبر، وقدّم إليهم فقط القليل من الماء، وتركهم دون طعام أو فحوص طبيّة، وصادر كلّ هواتفهم وجوازات سفرهم، باستثناء البعض ممن تمكنوا من إخفائها.
وأكدت المنظمة أنّ السلطات التونسية تجاهلت التزاماتها في مجال حماية الطفل، مذكرة بأنّ تونس بصفتها طرفًا في "اتفاقية حقوق الطفل" فهي ملزمة باحترام حقوق الطفل في الحياة، وطلب اللجوء، وعدم التمييز، والعمل تحقيقًا لمصالحه الفضلى، بما يشمل تنفيذ إجراءات تحديد السنّ والبحث عن الأسرة، وتوفير الأوصياء المناسبين والرعاية والمساعدة القانونيّة للأطفال المهاجرين غير المصحوبين.
وشددت هيومن رايتس ووتش، في ختام بيانها، على أنّ "على المفوضيّة الأوروبيّة تعليق كلّ التمويل المخصّص لمراقبة الهجرة الذي تعهدّت بتقديمه إلى الحرس الوطني والبحريّة التونسيَّيْن بموجب اتفاق جويلية. وعليها أيضًا إجراء تقييمات مسبقة لآثار ذلك على الحقوق، ووضع معايير واضحة يتعيّن على السلطات التونسيّة الإيفاء بها قبل الالتزام بتقديم أيّ دعم يتعلّق بإدارة الهجرة".