يؤدي تغير المناخ إلى حدوث ظواهر مناخية مختلفة، وقد تكون قاسية وشديدة، حيث يتعرّض الأشخاص الذين يعيشون في هذه الظروف لأحداث مؤلمة يمكن أن تكون لها تداعيات نفسية كثيرة.
هذا وتسلط عقود من الأبحاث الضوء على تحديات الصحة النفسية المباشرة والطويلة المدى الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة والظواهر الجوية القاسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والانتحار والعدوان والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وتتوزع تأثيرات تغير المناخ على الصحة النفسية بشكل غير متساوٍ اعتماداً على عوامل عديدة مثل المكانة الاجتماعية والمستوى الاقتصادية وجنسك وعمرك. كيف يؤثر تغير المناخ على الصحة النفسية؟
ارتفاع درجات الحرارة
تتسبب التغييرات المناخية كارتفاع درجات الحرارة، في آثار صحية ونفسية ضارّة على الإنسان، مما قد يكون له مجموعة متنوعة من التأثيرات السلبية على الصحة النفسية، على سبيل المثال، تميل حالات الاستشفاء بسبب الاضطرابات النفسية والزيارات النفسية الطارئة إلى الزيادة خلال موجات الحر. ويمكن أن يؤدي الطقس الحارّ إلى تفاقم الحالة المزاجية، مما يؤدي إلى شعور الأفراد بمزيد من الانفعال والتوتر وتفاقم أعراض مشاكل الصحة النفسية.
كما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى سلوكيات أكثر عدوانية. فقد وجدت دراسة أُجريت عام 2021 أن جرائم العنف في لوس أنجلوس زادت بنسبة 5.7% في الأيام التي ارتفعت فيها درجات الحرارة فوق 85 درجة فهرنهايت مقارنة بالأيام الباردة.
ويمكن أن تؤدي الحرارة أيضاً إلى تعطيل النوم، وقد تؤدي قلة النوم إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية.
هذا ووجدت إحدى الدراسات الكبيرة للغاية، التي حللت عشرة مليارات من ملاحظات النوم، أن الليالي الدافئة تؤدي إلى تضاؤل نوم الإنسان على مستوى العالم وبشكل غير متساوٍ، مع كون هذا التأثير أكبر بثلاثة أضعاف بالنسبة لسكان البلدان ذات الدخل المنخفض.
العنف القائم على النوع الاجتماعي
في عام 2022، قام الباحثون في جامعة كامبريدج بتحليل 41 دراسة استكشفت عدة أنواع من الظواهر الجوية المتطرفة، مثل العواصف والفيضانات والجفاف وموجات الحر وحرائق الغابات، ووجدوا أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يبدو أنه يتفاقم بسبب الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة. وتشمل العوامل المساهِمة الصدمة الاقتصادية، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والبيئات التمكينية، والتوتر، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
الجفاف
تؤدي الآثار الاقتصادية للجفاف إلى زيادة حالات الانتحار، خاصة بين المزارعين. علاوة على ذلك، توقع مؤلفو دراسة أُجريت عام 2018 في مجلة Nature أن درجات الحرارة الأكثر دفئاً يمكن أن تؤدي إلى ما يصل إلى 40 ألف حالةانتحار إضافية في الولايات المتحدة والمكسيك بحلول عام 2050.
القلق والتوتر
يسود شعور غامر بالخوف والحزن والرهبة في مواجهة ارتفاع درجة حرارة الكوكب أو القلق بشأن تغير المناخ وآثاره.
وجد استطلاع APA لعام 2020 أن 56% من البالغين في الولايات المتحدة قالوا إن تغير المناخ هو أهم قضية تواجه العالم اليوم. وقال ما يقرب من نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً إنهم يشعرون بالتوتر بسبب تغير المناخ في حياتهم اليومية.
تلوث الهواء
ثبت أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة مستويات المواد المسببة للحساسية والملوثات الموجودة في الهواء، مما يؤدي إلى تدهور نوعية الهواء.
تشير الأدلة الناشئة إلى أن سوء نوعية الهواء يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة النفسية والعقلية، وخاصة الاكتئاب والقلق. أظهرت إحدى الدراسات الكبيرة التي أجريت على جميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على الـ65 عاماً والمسجلين في الرعاية الطبية في الولايات المتحدة أن التعرّض قصير المدى للملوثات (PM2.5 وNO2) كان مرتبطاً بارتفاع خطر دخول المستشفى الحادّ بسبب الاضطرابات النفسية.
كما تبين أن التعرّض لتلوث الهواء أثناء مرحلة الطفولة والمراهقة يرتبط بتطور مشاكل الصحة النفسية مع انتقال الشباب إلى مرحلة البلوغ، نتيجة تلوث الهواء الذي يضعف التطور الطبيعي للجهاز العصبي المركزي.
الأمراض المعدية
يعد تغير المناخ عاملاً رئيسياً في ظهور الأمراض المعدية في أجزاء جديدة من العالم، مثل الملاريا وحمى الضنك، حيث تكثر مسببات الأمراض والناقلات..
إن التعرض لمعدلات أعلى من الأمراض المعدية يمكن أن يكون له آثار ضارّة كبيرة على الصحة النفسية بسبب دخول المستشفى أو العيش مع عواقب طويلة المدى للعدوى الشديدة.
القلق المناخي
وجدت دراسة كبيرة أجريت على 10 آلاف طفل وشاب في 10 دول أن 45% من المشاركين قالوا إن مشاعرهم بشأن تغير المناخ أثرت سلباً على أدائهم اليومي. كما وجدت دراسة أخرى أن المشاعر السلبية المرتبطة بالمناخ ارتبطت بمزيد من أعراض الأرق وضعف الصحة النفسية والعقلية.