''يأبى المجتمع التونسي الاعتراف بأن السمنة مرض يصيب الانسان ويقابل المرضى بالسمنة بالسخرية والتندّر فالناس يحمّلون المرضى وزر عدم الاهتمام بحالاتهم الصحيّة وتسود حالة من الاعتقاد غير السليم بأن السمنة نمط حياة اختياري"، بهذه العبارات دقّ الطبيب بشير بن راضية إسفين التحذيرات الطبية من مخاطر السمنة .
وقال بالراضية، في تصريح لوكالة تونس افريقيا اليوم الجمعة 26 أفريل 2024 ، على هامش افتتاح المؤتمر الوطني الثالث لجراحة السمنة والأمراض الأيضية الملتئم يومي 26 و27 أفريل الجاري بضاحية البحيرة بتونس، أن مرض السمنة ليس نمط حياة اختياريا فالمريض لا يختار أن يكون بدينا، واصفا، خطر هذا المرض ب"الكبير جدا نظرا لأن الاصابة به تكون عاملا للاصابة بعديد الأمراض ''.
يستند العضو التنفيذي بالجمعية التونسية لجمعية جراحة السمنة والأمراض الأيضية، الى أن تقرير أطلس السمنة العالمي يضع توقّعات بأن تصل نسبة الاصابة بالسمنة في تونس الى 46 بالمائة بحلول 9 سنوات المقبلة، مضيفا، أن التقديرات تفيد بتسجيل نسبة زيادة سنوية في حصيلة المرضى ب2.5 بالمائة من مجموع السكان.
وطبقا لبيانات رسمية بلغت النسبة 26.6 بالمائة للأشخاص الذين تبلغ سنهم أو تفوق 18 سنة خلال سنة 2016 ، ويرجّح تقرير أطلس السمنة العالمي أن ترتفع الى 36 بالمائة بحلول 2030.
ويكشف المتحدّث، عن تعدّد عوامل الإصابة بالمرض الآخذ في الاتساع في عدد المرضى سنويا، بالقول، "تنوع الأسباب المؤدية للمرض فرضت تنوّع في طرق العلاج "
وتابع كلامه " يكون من بين أول الأسئلة التي يطرحها اخصائي العلاج على المريض، هل يوجد في الأسرة من بين الأقارب حالات مماثلة للاصابة بالسمنة ؟ سؤال مغزاه الأساسي التعّرف عن تأثير العامل الوراثي للمرض، والمفترض علميا أن وجود حالات الاصابة في المحيط الأسري المقرّب قد تدفع بتسجيل حالات جديدة، وفق تفسير المصدر .
وأضاف "يمكن ان تنشأ الاصابة بالسمنة نتيجة خلل جيني ذلك أنه يوجد أشخاص قدرتهم محدودة على احراق الدهون رغم كونهم من محيط أسري سليم من الاصابة بالسمنة في حين يوجد آخرون يمكن لهم تخفيض وزنهم بمجرّد اقبالهم على الحمية الذاتية تلقائيا لأنهم من محيط أسري سليم هو الآخر".
ونبّه، الى أن العامل الوراثي يسبب الاصابة بالسمنة بقطع النظر عن الوجبات المتناولة فيما يساهم الخلل الجيني كذلك في تسجيل اصابة فرد بعائلة ليس من بينها أية حالات بالاصابة بالمرض، مشيرا، الى أن الاسباب التي تقف وراء ما وصفها بهذه "الآفة يمكن أن تكون نفسية او اجتماعية او اقتصادية أو حتى مادية..".
و تشكّل قلّة النشاط البدني، واحدة من بين دوافع تفشي السمنة أو زيادة في الوزن ذلك أن نمط الحياة الجالسة التي تفاقمت بفعل جائحة كورونا تركت تداعيات مؤذية على نمط حياة الملايين في العالم.
ويعتقد بالراضية، أن الخمول والعمل المنزلي سجل زيادة متأثرا بالجائحة، فكثير من الناس مازالوا يعملون من منازلهم، هذا اضافة الى توجههم إلى تناول الأكلات المتأثرة بالنمط الغربي، ملاحظا أن المطبخ التونسي بدوره غني بالسكريات والنشويات ويسبّب زيادة في الوزن.
ويناصر الطبيب فكرة العلاج متعدّد الاختصاصات، مؤكدا أن المجال يجب أن يرتكز على تكاتف مجهودات كل الأطباء، واستدّل بتجربة الجمعية التونسية لجمعية جراحة السمنة والأمراض الأيضية، التي أنشأت قسما متكاملا للعلاج يدمج مهام الأطباء النفسانيين وأطباء الامراض والجراحة الايضية التي تشمل أمراض السكري والدم والشحم في الدم .
ويرافق المرضى في رحلات علاجهم مختصون في جراحة أمراض السمنة وأطباء آخرون مهامهم معالجة ومتابعة مضاعفات العمليات الجراحية، اذ تطرأ مضاعفات على الجهاز الهضمي بعد فترة الجراحة، وفق ما بينه المتحدّث، داعيا، الى أن تكون سياسة معالجة السمنة سياسة دولة في المقام الأول.
ويأتي تنظيم المؤتمر الوطني الثالث لجراحة السمنة والأمراض الأيضية، كاطار مرجعي وعلمي للنقاش والبحث وتبادل الخبرات تنظّمه الجمعية التونسية لجراحة السمنة والأمراض الأيضية من أجل تدارس والاطلاّع على أهم مستجدّات جراحى أمراض السمنة.
ويفتح المؤتمر باب النقاش حول طريقة العلاج عن طريق المنظار كآلية فعّالة للعلاج عبر الفم من خلال قصّ المعدة، ويطرح الحلول والتجارب لمتابعة حالات المرضى من المضاعفات التي يمكن أن تظهر بعد عمليات جراحة السمنة، وأهمها التي ترتبط بصعود حامض المعدة الذي يزيد من حالات شرقة الانسان بعد عامين من خضوعه للجراحة.
ويتطرق المؤتمر على مدى يومين للتباحث حول طرق جديدة لعلاج السمنة، اذ يعرض اخصائيون من دول أوروبية بالخصوص أنواع من الأدوية هي للأسف غير حائزة بعد على ترخيص للترويج في تونس، طبقا لرأي بشير بالراضية، مؤكدا، أن هذه الأنواع من الأدوية تستخدم في كل الدول الأوروبية وخصوصا منها فرنسا وايطاليا حيث ثبتت فعاليتها في معالجة المرض.
وذكر أن أطباء أوروبيين مختصين في علاج السمنة أطلعوا نظراءهم في المؤتمر بأن المريض يتلقى جرعات من هذه الحقن بمعدل 4 مرات في الاسبوع طيلة مدة 4 أشهر ، لكنه أكد أن تلقي الجرعات أو الخضوع للجراحة ليس كافيا لوحده ان نجاح رحلة العلاج يتطلب الالتزام بالمتابعة الطبية وبنظام غذائي ونمط حياة ملائم.
ويخضع الأطباء المختصون في جراحة السمنة في تونس الى التكوين المستمر وهم عادة من المختصين في الجراحة العامة الذين يتلقون التكوين المعمّق والدقيق في المؤتمرات والندوات حول جراحة السمنة، وعدد هؤلاء الجراّحين لا يتخطى 30 طبيبا .
وبغرض فتح آفاق لهذا الاختصاص والتحسيس بمخاطر السمنة، أقرت الجمعية تنظيم المؤتمر الوطني في دورته الثالثة، ويشارك في هذه الفعالية أساتذة مختصون في الجراحة العامة من عدة دول افريقية من بينها مالي الكاميرون، بوركينا فاسو، جنوب افريقيا السنيغال، فضلا عن مختصين في مجال جراحة السمنة وفدوا من دول أوروبية.
من جهته، أكد المختص الجراحة بكلية الطب بسوسة فهمي هميلة، ان مرض السمنة يعدّ سببا في التعرّض للاصابة بأمراض القلب والأمراض التنفسية والأمراض السرطانية، إذأن الأشخاص الذين يعانون من السمنة معرّضون أكثر من غيرهم للاصابة بهذه الأورام،
وختم بالتحذير من أن الدراسات أظهرت أن المصابين بالسمنة معرّضون أكثر من غيرهم للموت الفجئي بالسكتة القلبية الفجئية بنسبة مضاعفة تصل الى 5 مرات .