وطنية

مؤتمر روش للرعاية الصحية : دعوة إلى تعزيز مكافحة سرطان الثدي في شمال إفريقيا

 قال متدخلون، في يوم الإعلام الخاص بشمال إفريقيا الذي نظمته شركة ''روش'' الرائدة عالميًا في المستحضرات الدوائية والحلول التشخيصية بمصر، حول سرطان الثدي في شمال إفريقيا، أن "التحدي الأكبر لمكافحة هذا المرض، هو الوصول إلى علاجه في أكبر عدد من المناطق النائية"

و خلال بضع سنوات فقط، تغيرت القصة والصورة المتعلقة بسرطان الثدي في شمال إفريقيا من خوف ووصمة إلى أمل وتقدم  وذلك بفضل الجهود المشتركة لمقدمي الرعاية الصحية والمسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام والقطاع الخاص، ولم يعد يُنظر إلى سرطان الثدي على أنه مرض يهدد الحياة فقط بل أصبح يُعترف به كمرض يمكن اكتشافه مبكرًا، وعلاجه بفعالية، والسيطرة عليه بنجاح.
هذا التحول يعكس الوعي المتزايد وتحسن الوصول إلى الرعاية الصحية عالية الجودة في جميع أنحاء شمال إفريقيا، مما يمثل إنجازًا هامًا في مكافحة سرطان الثدي.
قصص القيادة والتعاون والابتكار
يمثل سرطان الثدي تحديًا عالميًا، ولكن تأثيره يختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى.وتواجه النساء الإفريقيات تحديات فريدة؛ حيث يتم تشخيصهن في معظم الأوقات في مراحل متأخرة، يكون المرض في مرحلة عدوانية شديدة وتكون بالتالي خيارات العلاج محدودة. يؤثر سرطان الثدي في إفريقيا على النساء الأصغر سنًا في الثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهن،  في أول حياتهن وفي الوقت التي يقمن بتربية الأسر، وبناء مسارات مهنية، والمساهمة في مجتمعاتهن.وحول هذا المرض يقول ماتورين تشومي، رئيس منطقة إفريقيا، في شركة روش فارما: ''هذا المرض له تأثير كبير على النساء وكذلك على الأشخاص والمجتمعات المحيطة بهن، مما يعني أن مكافحة سرطان الثدي مسؤولية تقع على عاتق الجميع. كل عام، يفقد حوالي 90,000 طفل في إفريقيا أمهاتهم بسبب سرطان الثدي، مما يؤدي إلى اضطراب الأسر وتأثر الاقتصادات سلبًا.
ويؤدي هذا التأثير إلى خسارة تُقدر بنحو 0.4–0.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في القارة''.
قبل خمس سنوات، كان سرطان الثدي في مصر يمثل تحديًا كبيرًا. حيث بلغت نسبة سرطان الثدي عند النساء حوالي الثلث من إجمالي حالات مرض السرطان ل، وكان معدل الوفيات 1.6 ضعف المتوسط العالمي، على الرغم من أن معدل الإصابة كان متسقًا مع المستويات الدولية. بالإضافة إلى ذلك فإن 70% من حالات سرطان الثدي في مصر كانت تُشخص في مراحل متقدمة، مما يقلل بشكل كبير من فرص الشفاء.
و قال لدكتور محمد سويلم، المدير العام لشركة روش مصر: "اليوم، تغيرت هذه القصة بشكل كبير. فبفضل رؤية موحدة ومبادرة وطنية طموحة، أصبحت مصر دولة رائدة في تقديم رعاية لسرطان الثدي تتميز بالإتاحة والوصول إلى مستوى عالٍ من الجودة في الرعاية. تم فحص أكثر من 32 مليون سيدة، مما أدى إلى تغيير جوهري في حالات التشخيص في المراحل المتأخرة. واليوم يتم اكتشاف 70% من حالات سرطان الثدي في المراحل المبكرة، حيث تكون فرص الشفاء أعلى". جاء هذا التصريح خلال يوم
في المغرب، وبفضل خطة الوقاية ومكافحة السرطان الوطنية التي تم إطلاقها وتكريسها عام 2010، أصبح الفحص المبكر لسرطان الثدي متاحًا الآن على مستوى وطني. وتتكامل هذه التدخلات ضمن النظام الصحي العام، وهي مجانية تمامًا ومدعومة بإطار عمل وطني وموارد مخصصة. منذ انطلاق هذه الخطة، تم إنشاء 48 مركزًا مرجعيًا للصحة الإنجابية، بالإضافة إلى 16 فريقًا متنقلًا لضمان التغطية في المناطق النائية. حاليًا، يتم فحص حوالي 1.8 مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 40 و69 عامًا سنويًا، مما يساهم بشكل كبير في الكشف المبكر للحالات في مراحلها الأولى. وتهدف خطة السرطان 2020-2030 إلى زيادة مشاركة السيدات في الفحوصات، والحد من التفاوتات في الوصول إلى الرعاية الصحية، وتحسين جودة العلاج المقدم.
Iفي الجزائر، ساهمت حملات التوعية على مستوى البلاد ووحدات التصوير الشعاعي للثدي المتنقلة في زيادة معدلات الكشف المبكر من 30% خلال السنوات العشر الماضية  إلى 70% اليوم.
وفي تونس، منذ عام 2016، قادت جمعية ''نوران'' جهود الكشف المبكر عن سرطان الثدي في المناطق المحرومة من تونس من خلال إنشاء وحدات تصوير الثدي الشعاعي في المناطق التي تفتقر إلى الوصول إلى الرعاية الصحية هذا النهج الاستباقي أدى إلى تقدم كبير في جهود الكشف المبكر، الذي بلغ ذروته في عام 2023 عندما قامت الوحدة المتنقلة للجمعية بفحص أكثر من 10,000 سيدة وحددت 1,000 حالة عاجلة تتطلب علاجًا فوريًا.
تستند هذه التطورات إلى نتائج دراسة بحثية أجريت في عام 2020 في المناطق الريفية في تونس، حيث خضعت 200 سيدة لفحوصات مجانية للثدي. 
وكشفت الدراسة أن 70 سيدة أظهرت أعراضًا تتطلب مزيدًا من الفحوصات، وتم تشخيص حالة واحدة بسرطان الثدي. واليوم، يتلقى 75% من مرضى سرطان الثدي الإيجابي HER2 المتقدم في تونس علاجًا يتوافق مع المعايير الدولية، مما يعكس التزام البلاد بتحسين نتائج سرطان الثدي وتوسيع الوصول إلى الرعاية الدقيقة.
دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مكافحة سرطان الثدي
كما تمت مناقشة ركائز التقدم في الجلسة الأولى خلال يوم الإعلام، حيث تم استعراض كيفية إعادة تشكيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لرعاية سرطان الثدي في شمال إفريقيا. 
وخلال الجلسة، أوضح الدكتور هشام الغزالي، أستاذ علاج الأورام الإكلينيكي ورئيس المبادرة الرئاسية لصحة المرأة أن نجاح مبادرة سرطان الثدي في مصر يعتمد على ثلاثة ركائز أساسية: الكشف المبكر، التشخيص السريع، والعلاج المبتكر وهو نموذج يتماشى مع معايير منظمة الصحة العالمية. هذه العناصر، المدعومة بالتعاون بين القطاعين العام والخاص والالتزام بالمساواة، أسهمت في وضع خارطة طريق للتغلب على تحديات الوصمة الاجتماعية، وصعوبة الوصول إلى الرعاية، وتجزؤ الخدمات الصحية. وقال الدكتور الغزالي: "حتى الآن، تم إنشاء 3500 وحدة صحية على مستوى البلاد، مجهزة بفرق مدربة من الناشطات المحليات. تلعب هؤلاء النساء دورًا حيويًا في تقليل الوصمة، وتشجيع الفحوصات، وتحقيق نتائج أفضل".
كان التعاون بين القطاعين العام والخاص عنصرًا حاسمًا في هذا النجاح. فقد أتاحت هذه الشراكات تبادل الموارد والمعرفة وتحقيق هدف مشترك: ضمان حصول كل امرأة في مصر على الرعاية التي تحتاجها. 
وقد أظهرت مبادرات مثل المبادرة الرئاسية لسرطان الثدي والشراكات مع المنظمات غير الحكومية كيف يمكن للتنسيق الفعال أن يعالج الفجوات الحرجة، حتى في البيئات الصعبة و في هذا السياق ، أكد الدكتور محمد حساني، مساعد وزير الصحة والسكان لمشروعات ومبادرات الصحة العامة، أن ريادة مصر في مبادرات مثل حملة "100 مليون صحة" تعكس التزام الدولة بتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية وتحسين النتائج الصحية من خلال الجهود التعاونية.
وكما تعتمد المبادرة المصرية على الكشف المبكر والتشخيص السريع لتحسين النتائج، فقد تبنت الجزائر نهجًا مشابهًا حقق نتائج مميزة.
تجاوز الحدود ونشر التوعية 
من جانبها، أوضحت بهيجة جومي، رئيسة جمعية "أمل" بالمغرب: "إن المعتقدات الثقافية والمعلومات الخاطئة، مثل فكرة أن طلب الرعاية الطبية قد "يكشف عن خطر داهم"، أسهمت لفترة طويلة في تثبيط عزيمة النساء واحجامهم عن الوصول إلى الخدمات الصحية". وأضافت: "إذا بحثت عن سرطان الثدي، فقد تجده - ولكن عندما تكتشفه مبكرًا، يمكنك علاجه".
قوة البيانات والابتكار في الرعاية الصحية الخاصة بسرطان الثدي:
في أثناء فعاليات يوم الإعلام أيضًا، قال أنطوان خوري، مدير المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مجموعة لونيت لفحص السرطان: "تلعب التكنولوجيا دورًا حاسمًا في مكافحة سرطان الثدي في شمال إفريقيا". وفي نقاط حديثه، سلط الضوء أيضًا على الدور الثوري للبيانات والتكنولوجيا في الكشف المبكر والعلاج.
وخلال الندوة، استكشف الخبراء كيف تسهم الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في التشخيص من خلال تعزيز الدقة والحد من النتائج السلبية الخاطئة. وبالنسبة للنساء في المناطق الريفية، حيث قد يستغرق الوصول إلى رأي ثانٍ أيامًا، يعمل الذكاء الاصطناعي على تسريع النتائج، وتخفيف القلق وتمكين العلاج بشكل أسرع. يقدم الذكاء الاصطناعي الرأي الثانٍ، ويدعم الأطباء ويضمن حصول النساء على نفس جودة الرعاية، بغض النظر عن مكان إقامتهن.
وأضاف خوري: "لا نهدف إطلاقًا إلى استبدال أخصائيي الأشعة أو الأطباء الآخرين، بل نستخدم الذكاء الاصطناعي لدعمهم بدقة 96٪، في كل مكان، وفي نفس الوقت، بغض النظر عن مكان إقامة المريضة".
كما كان هناك مشاركة فعالة من محمد عبد العال، مدير أول فودافون مصر، الذي أكد على تأثير الحلول الرقمية في توسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية.
 
خلال يوم الإعلام، ألقى ''أندرياس باوم''، سفير سويسرا في مصر، خطابًا ملهمًا شدد فيه على أهمية التعاون العابر للحدود في مجال الرعاية الصحية وأبرز دور التعاون الدولي في تحقيق هذه الإنجازات.
وفي حين يجذب شهر أكتوبر الانتباه العالمي لسرطان الثدي، فإن الكفاح ضد المرض يستمر على مدار العام. ويقدم النموذج المصري دروسًا قيمة للمجتمع الدولي. يمكن للرؤية المبتكرة والعزيمة القوية أن تخلق مستقبلًا تتمكن فيه جميع النساء، بغض النظر عن حالتهن الاجتماعية أو الاقتصادية، من الوصول إلى رعاية عالية الجودة لسرطان الثدي.
وقال تشومي: "نحتاج إلى التفكير بصورة أكبر. ونحتاج إلى تبني سلوكيات ناجحة واعتماد ممارسات مبنية على الأدلة. فقط بهذه الطريقة سنتمكن من تغيير الوعي والتشخيص والشفاء".
حققت دول شمال إفريقيا تقدمًا كبيرًا في مكافحة سرطان الثدي، مما يبرز قوة التخطيط الدقيق، ونهج الرعاية الشامل، والحملات الصحية الوطنية، والشراكات القوية بين القطاعين العام والخاص.
ومن خلال مبادرة "100 مليون صحة"، تم فحص أكثر من 32 مليون سيدة مصرية في غضون ثلاث سنوات، مما أدى إلى تحسين كبير في النتائج الصحية.
في المغرب، أطلقت مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان بالتعاون مع شركة روش في عام 2009 برنامجًا يهدف إلى تمكين المرضى ذوي الدخل المحدود من الوصول إلى العلاجات المبتكرة التي تقدمها روش مجانًا ضمن مرافق الرعاية الصحية العامة. يتم تجديد هذا البرنامج سنويًا ويوفر لأكثر من 1,500 مريض إمكانية الوصول إلى علاجات الأورام المتقدمة التي تتماشى مع المعايير والبروتوكولات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، تعاونت شركة روش مع جامعة محمد السادس للعلوم والصحة لتطوير دبلوم جامعي مبتكر لمدة عام مصمم خصيصًا لمرضى السرطان.
لمكافحة سرطان الثدي بنجاح، تعمل الأطراف المختصة على معالجة القضية من جميع الزوايا. ففي الجزائر، حيث الاعتماد على الابتكار والتعاون، تقدم الشراكة بين "Algeria Venture"، وهي مسرّع الشركات الناشئة العامة، و"روش الجزائر" دعمًا للالشركات الناشئة المحلية في مجال الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية، مما يعزز تطوير حلول مبتكرة لتحسين رعاية المرضى. ومن خلال توفير الموارد والخبرات والشبكات لهذه الشركات الناشئة، تضمن هذه المبادرة نهجًا شاملاً لتحسين تقديم الرعاية الصحية وتلبية احتياجات المرضى على جميع المستويات.
في تونس، تقدم شركة روش مع الجمعية التونسية لمكافحة السرطان استشارات طبية مجانية، وتصوير الثدي بالأشعة السينية (الماموجرام)، فحوصات الموجات فوق الصوتية للثدي، بالإضافة إلى ورش عمل حول الفحص الذاتي لتشجيع النساء على مراقبة صحتهن. وتُقام هذه الفعاليات في عدة مراكز صحية شريكة. كما تتعاون روش مع المعهد الوطني للسرطان لتقديم استشارات مجانية وتوزيع قسائم لإجراء فحوصات الماموجرام بوصفة طبية، بالإضافة إلى جلسات تدريبية للأطباء حول أحدث التطورات في التشخيص المشخصن لسرطان الثدي.
إمكانات هائلة
على الرغم من النجاح الملحوظ الذي تم تحقيقه، لا تزال هناك فجوات، خاصة في الوصول إلى المجتمعات المحرومة ومعالجة التفاوت المستمرة في الوصول إلى الرعاية مما يتطلب استمرار التعاون والالتزام المشترك.
من خلال الاعتراف بهذه الفجوات والبناء على التقدم الذي تم إحرازه بالفعل، تمتلك شمال إفريقيا الإمكانات لتثبيت مكانتها كقائدة عالمية في تحسين نتائج سرطان الثدي من خلال الاعتراف بهذه الفجوات و العمل أكثر للتغيير الإيجابي وتقديم مثال قوي للعالم في مكافحة هذا المرض.