عبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي عن استغرابه من قرار مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، الإبقاء على نسبة الفائدة المديرية دون تغيير عند مستوى 8 بالمائة معتبرا ان هذا القرار مفاجيء للمرة الثانية على التوالي.
وقال الشكندالي، في حوار مع إذاعة "اكسبراس" ، اليوم الاثنين 30 ديسمبر ،"انتظرنا أن يُقدم البنك المركزي على خطوة يدفع بها النمو الاقتصادي ويشارك في نوايا تحقيق نسبة نمو عند 3.2 ٪ في 2025".
و اعتبر الشكندالي أن المصدر الرئيسي للتضخّم المالي في تونس ليس نقديّا بل هو ناتج عن نقص في العرض أي الإنتاج ، مشيرا الى أن الأسباب الحقيقية التي سببت ارتفاع معدّلات التضخّم المالي ليس الطلب والاستهلاك بل العراقيل التي تعيق الاستثمار وخلق الثروة ما ينتج عنه خلل في سوق السلع والخدمات وبالتالي ارتفاع الأسعار.
ولاحظ رضا الشكندالي أن الدولة هي المتسبب في هذا التضخّم المالي، إضافة إلى سياسة الفائدة المرتفعة والسياسة النقدية الحذرة التي يتبعهما البنك المركزي، مبينا أن هذه العوامل من الأسباب المعيقة لخلق الثروة والاستثمار الخاص.
وأشار الشكندالي إلى ما وصفها بالتناقضات الكبيرة التي يعيشها البنك المركزي، بمنحه 14 مليار دينار لتنفيذ نفقات الدولة على حساب الاستثمار الخاص وهو ما يضيق الخناق على الاستهلاك الخاص.
وحذّر من أن “هذا التوجّه سيزيد في خنق الاستثمار الخاص وسيقلص فرص خلق الثروة وسيعيق بلوغ هدف تحقيق نمو اقتصادي بـ3.2 ٪ في السنة القادمة وبالتالي سيسهم في ارتفاع معدّلات التضخّم المالي”.
وبين الشكندالي أن الاستهلاك الخاص هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، وبالتالي وجب دعمه وليس تعطيله.
وشدّد على ضرورة أن تكون السياسة النقدية للبنك المركزي متناسقة مع سياسة الدولة في إطار سياسة نقدية اقتصادية مزدوجة قائمة على التعاون، إضافة إلى ضرورة تغيير قانون الميزانية على مستوى إلزام الدولة التونسية بتوجيه الاقتراض المباشر من البنك المركزي إلى غايات إنتاجية لتمويل نفقات التنمية.
أمّا بشأن قانون المالية لسنة 2025، قال رضا الشكندالي “لا وجود لإجراءات قويّة على مستوى قانون المالية للسنة القادمة يمكن من خلالها تحقيق نسبة نمو بـ3.2 ٪ في سنة 2025، والتي قدّرها صندوق النقد الدولي بـ1.6٪ على أقصى تقدير”.
وأشار إلى أن قانون المالية لسنة 2025، شهد زيادة في المستوى الجبائي للمؤسسات، مقابل الشح على مستوى السيولة النقدية، معتبرا أنه تم تجفيف كل مصادر التمويل والسيولة النقدية لتمويل الاستثمار الخاص.
ووصف الإجراءات بالضعيفة والتي لا يمكن أن تضاعف نسبة النمو الاقتصادي، معتبرا أن الحكومة فشلت في تجسيم إجراءات قانون المالية على أرض الواقع.
وبين الشكندالي أنه إذا لم تنجح الحكومة في تحقيق نسبة النمو المقدرة بـ3.2 ٪ في 2025 فإن ذلك سيهدّد سياسة الاعتماد على الذات التي يريد رئيس الجمهورية تحقيقها.
وتابع في السياق ذاته: “كنا ننتظر إجراءات قويّة على مستوى دفع الاستثمار الخاص وعلى مستوى تحسين مناخ الأعمال والقطع مع التعقيدات الإدارية والقضاء على الفساد في الموانئ الرئيسية خاصة ميناء رادس، إضافة إلى إجراءات لفائدة التونسيين بالخارج الذين يساهمون بتحويلات كبيرة جدا، فضلا عن رؤية جديدة لفائدة قطاع السياحة وإدخال المبالغ المهمة من العملة الصعبة بالقطاع الموازي في المسالك المنظمة”.