لايف ستايل

الاضطراب العاطفي : أسبابه و طرق التعامل معه

 الصحة العاطفية هي ركيزة أساسية لسلامة الصحة العامة لدى المرأة، حيث تلعب دوراً محورياً في تحديد جودة حياتها اليومية وعلاقتها مع كل الأشياء سواء تلك المادية أو المعنوية.

في العصر الحالي، ومع تضاعف الضغوط اليومية سواء لتلبية الاحتياجات الأساسية أو لمجاراة ما تفرضه علينا منصات التواصل الاجتماعي، بات الحفاظ على الصحة العاطفية معضلة تتطلب كثيراً من الفهم للتعامل معها على النحو الصحيح وحمايتها.
عوامل تؤدي إلى الاضطراب العاطفي
يمكن القول إن عدداً كبيراً من النساء في الوطن العربي يواجهن تحديات عاطفية متعددة تؤثر على استقرارهن النفسي والاجتماعي. تتعدد أسباب هذه الاضطرابات، وتتنوع بين بيولوجية واجتماعية ونفسية، ما يستدعي فهم هذه الأسباب بعمق لتقديم الحلول الفعالة. فيما يلي أكثر الأسباب شيوعاً:
التغييرات الهرمونية
من الأسباب الشائعة للاضطرابات العاطفية لدى النساء هي التغييرات الهرمونية التي تحدث خلال فترات مختلفة من حياتهن، بداية من الدورة الشهرية، الحمل، ثم مرحلة انقطاع الطمث والتي تختلف من امرأة إلى أخرى. وفقاً لدراسة نشرت في المجلة العلمية Harvard Health Publishing، يمكن للاضطراب في مستويات الهرمونات، خاصة الاستروجين والبروجسترون، أن يؤثر بشكل كبير على كيمياء الدماغ، ما يؤدي إلى تقلبات في المزاج وزيادة الشعور بالتوتر أو الاكتئاب.
الضغوط الاجتماعية والثقافية
العصر الحالي مليء بالضغوط الاجتماعية والثقافية بسبب منصات التواصل الاجتماعي، وهذه الضغوط تلعب دوراً بارزاً في تكوين البيئة النفسية للمرأة العربية. في مجتمعاتنا، تواجه المرأة أحياناً توقعات مجتمعية مبالغ فيها تُشعرها وكأنها في اختبار ومقارنات دائمة مع نماذج تدّعي الصور المثالية، فتجد المرأة نفسها أمام تحدي تحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والعمل، ما قد يؤدي إلى شعور بالإنهاك والإحباط. أشارت دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2021 إلى أن النساء اللواتي يتحملن أعباءً كبيرة يعانين من معدلات أعلى من القلق والاكتئاب مقارنةً بالرجال، حتى وإن كانت مجرد أعباء منزلية فقط.
التحديات الاقتصادية
العالم يعيش حالة من التناقض، ففي حين هناك أزمة اقتصادية عالمية طاحنة خلفتها الحروب والأوبئة، تفرض مواقع التواصل الاجتماعي متطلبات ثانوية وتصفها بـ "الأساسية"، ما يضاعف حجم التحديات الاقتصادية التي تؤثر على الصحة النفسية للمرأة. كما قد تجد النساء أنفسهن عالقات بين محاولتهن تحقيق استقلالهن المالي وبين التوقعات المجتمعية التي تفرض أدواراً تقليدية عليهن.
وفقاً لمؤسسة American Psychological Association فإن النساء اللاتي يعانين من ضغوط مالية مستمرة هن أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات العاطفية، مثل القلق المزمن واضطرابات النوم.
الصدمات العاطفية والتجارب السابقة
عادة ما ترتبط الاضطرابات العاطفية بالتجارب الشخصية للأفراد، وخاصة حين يتعرض المرء لصدمات عاطفية وتجارب مؤلمة، مثل فقدان شخص عزيز، أو التعرض للعنف النفسي أو الجسدي، من بين العوامل التي تترك أثراً عميقاً على المرأة. ويشير علماء النفس إلى أن النساء اللواتي تعرضن لصدمات عاطفية يظهرن احتمالية أعلى للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب مقارنةً بالرجال، ويرجع ذلك إلى الاختلافات بينهما في طريقة معالجة العواطف والضغوط.
العوامل البيئية والوراثة
ربما لم تفكري من قبل أن تأثير الجينات قد يصل إلى حدّ الاضطرابات العاطفية، ليست الجسدية فقط، وذلك لأن الوراثة تلعب دوراً مهماً في احتمالية الإصابة بالأمراض العصبية والنفسية، مثل الاكتئاب والقلق. أيضاً، يمكن أن تزيد البيئة المحيطة، مثل التربية الصارمة أو عدم حصول الشخص على دعم عائلي كافٍ في مرحلة الطفولة إلى احتمالات الإصابة باضطرابات عاطفية لاحقاً.
التكنولوجيا
في عصر التكنولوجيا، تتعرض النساء لضغط إضافي ناتج عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي. أشارت دراسة أجرتها University of Pennsylvania إلى أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل يؤدي إلى زيادة معدلات القلق والاكتئاب، خاصة لدى النساء اللواتي يقارنّ أنفسهن بالآخرين عبر هذه المنصات.
كيفية التعامل مع الاضطرابات العاطفية؟
ربما تكون الأسباب والعوامل المؤدية إلى الاضطرابات يصعب صدها نهائياً، لكن هناك طرق للتعاطي مع هذه الاضطرابات على نحو صحيح. و للتعامل مع هذه الاضطرابات، يجب أن تعتمد المرأة على مجموعة من الاستراتيجيات، منها:
طلب الدعم النفسي
إذا شعرتِ أن هناك مشاعر سلبية تلاحقكِ وتؤثر على جودة حياتكِ، يجب اللجوء إلى مختصين نفسيين للمساعدة في التغلب على الأزمات العاطفية.
ممارسة الرياضة
أظهرت الأبحاث التي نشرتها مجلة Psychology Today أن التمارين الرياضية تقلل من مستويات التوتر وتحسّن المزاج العام.
التعبير عن المشاعر
في عصر التواصل الافتراضي أصبح التعبير الحقيقي عن المشاعر محدوداً، لكن الانفتاح مع الأصدقاء أو العائلة يساعد على تقليل العبء العاطفي.
الابتعاد عن الكمال
لا أحد كاملاً، ولا هناك حياة رائعة كما تصوّر مواقع التواصل الاجتماعي، تقبلي النقص واسعي لتحقيق التوازن بدلاً من المثالية، فهذا يساهم في تعزيز الصحة النفسية.
الصحة العاطفية لأي شخص قد تكون المفتاح للصحة العامة والحفاظ على الشباب والاستمتاع بالعمر، لذا عليك إدراك الأسباب التي قد تسبب القلق والتوتر والاكتئاب ومواجهتها سريعاً قبل أن تؤثر على جودة حياتك. من الضروري أيضاً تعزيز الوعي العام بهذه القضايا وتوفير منصات داعمة للمرأة لمواجهة هذه التحديات بروح قوية وإيجابية.