فلسطينيون يتجمعون وسط الأنقاض لمشاهدة فيلم ''صوت هند رجب''
2025.10.28 18:33
وسط الركام، وتحت خيام نُصبت فوق أنقاض المنازل في مدينة دير البلح، وُلد حلم سينمائي جديد.
فقد افتُتحت، الأحد الماضي، فعاليات الدورة الأولى من مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، في مشهد نادر يجمع بين الفن والمقاومة، ويؤكد أن الكاميرا ما زالت قادرة على التقاط ما يعجز العالم عن رؤيته من معاناة وصمود النساء الفلسطينيات.
وجاء الافتتاح بعرض الفيلم التونسي ''صوت هند رجب'' للمخرجة كوثر بن هنية، الحاصل على الأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي، إلى جانب ست جوائز موازية مرموقة.
واستُقبل الفيلم بتفاعل واسع من جمهور المخيم، إذ قالت إحدى الحاضرات: “كأن الفيلم يحكي عني… أنا أيضًا فقدت أولادي الثلاثة في الحرب''.
يحمل الفيلم التونسي تسجيلاً مؤلمًا للتوسلات الأخيرة لطفلة فلسطينية تبلغ خمس سنوات، حوصرت في سيارة تحت القصف الإسرائيلي.
وتدور أحداثه في مركز الاتصال التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، حيث يتنازع المسعفون بين الرغبة في إنقاذ حياة الطفلة ''هند'' وضرورة الالتزام بالبروتوكولات التي تمنع تعريض المنقذين للخطر.
وبأسلوبها المعروف الذي يذيب الحدود بين الواقع والخيال، استخدمت بن هنية التسجيلات الحقيقية لمكالمات هند، مع إعادة تمثيل المشاهد داخل مركز الاتصال بممثلين فلسطينيين.
ويركّز الفيلم على العاملين في خدمة الطوارئ الذين حاولوا لساعات طمأنة الطفلة وهي تتوسل لإنقاذها من السيارة التي كانت تضم أفراد عائلتها وقد قضوا جميعًا تحت القصف.
وتتردّد طوال الفيلم عبارة الطفلة الصغيرة: ''أنا خائفة جدًا… أرجوكم تعالوا''، لتغدو رمزًا للألم الفلسطيني وللعجز الإنساني أمام آلة الحرب.
في كلمته الافتتاحية، أكد مدير المهرجان عزّ الدين شلح أن اختيار بن هنية لافتتاح المهرجان بفيلمها “رسالة تضامن فنية وإنسانية تقول إن غزة ليست وحدها، وإن السينما يمكن أن تكون جسرًا بين الألم والأمل''.
ويستند الفيلم إلى القصة الحقيقية للطفلة الشهيدة هند رجب، التي تحوّلت إلى رمز إنساني لمعاناة أطفال غزة تحت القصف.
ويُقام المهرجان بالشراكة بين وزارة الثقافة الفلسطينية وعدد من المؤسسات الفنية المحلية والدولية، ويتواصل إلى غاية 31 أكتوبر الجاري، بمشاركة 79 فيلمًا من 28 دولة، من بينها تونس، الجزائر، المغرب، مصر، السودان، فلسطين، الأردن، العراق، سوريا، لبنان، ودول أوروبية وأمريكية.
وقد أُعلن عن تأسيس المهرجان لأول مرة خلال فعاليات بينالي البندقية السينمائي، بمبادرة من المخرج والباحث الفلسطيني عزّ الدين شلح، وبرئاسة شرفية للمخرجة الألمانية مونيكا ماورر، التي كرّست حياتها للحفاظ على الذاكرة البصرية الفلسطينية.
وقال شلح إن المهرجان ''وُلد من رحم الإبادة التي طالت النساء الفلسطينيات، ليكون منصة تمنحهنّ الحق في رواية قصصهنّ بعدساتهنّ الخاصة، وتعيد تقديم غزة إلى العالم كمساحة مقاومة ثقافية لا كمنطقة منكوبة فحسب''.
كما سيعمل المهرجان على تمكين النساء سينمائيًا من خلال ورش تدريب ودعم لإنتاج أفلام قصيرة ووثائقية، بما يتيح لهنّ المشاركة في مهرجانات عربية ودولية تحمل الرواية الفلسطينية من منظور نسائي.
وتتنافس في مسابقات المهرجان أفلام روائية ووثائقية من العالم العربي وأوروبا، من بينها ''إن شاء الله ولد'' للأردني أمجد الرشيد، و ''وشم الريح'' للمغربية ليلى التريكي، و''سلمى'' للسوري جود سعيد، إلى جانب الفيلم الفلسطيني ''شكرًا لأنك تحلم معنا'' لليلى عباس.
وتحضر السينما التونسية بقوة من خلال سبعة أفلام ضمن مختلف المسابقات الرسمية، من أبرزها: ''لأليف'' لصابر البكوش، و''نادين'' لعبد الله يحيى، و''ميما'' لدرة صفر، و ''أمي'' لنجوى كسليم.