أعرب خبراء أمميون عن صدمتهم الشديدة إزاء إدانة المحامي والحقوقي التونسي العياشي الهمامي بسبب دوره في الدفاع عن المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً باسم التآمر على أمن الدولة.
وقال الخبراء التابعون للأمم المتحدة في بيان مشترك إن ملاحقة الحقوقيين واتهامهم بالإرهاب لمجرّد قيامهم بواجبهم المهني أو ممارسة حقهم في التعبير، يمثّل تهديداً مباشراً لنزاهة وعدالة الإجراءات القانونية في تونس، ويعرّض الحق في محاكمة عادلة للخطر.
وأضاف الخبراء أن الإجراءات والتدابير المتخذة ضد الهمامي تتناقض تماماً مع استقلالية مهنة المحاماة، وتضعف قدرة المحامين على الدفاع عن موكليهم. وأكدوا أن هذه الممارسات تفتقر لأي أساس قانوني، وتهدف إلى بث الخوف في صفوف منتقدي السلطة التنفيذية والمدافعين عن استقلال القضاء.
وشدّد الخبراء على أن ممارسة مهنة المحاماة بكل حرية تمثل ركيزة لضمان الوصول إلى العدالة، ومراقبة سلطات الدولة، وصون الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة وسيادة القانون.
وجددوا دعوتهم للسلطات التونسية إلى الالتزام بالمعايير الدولية التي تضمن للمحامين القيام بمهامهم دون تخويف أو تضييق أو تدخل غير مشروع.
وفي 3 ديسمبر الجاري، تم نقل الهمامي إلى السجن لتنفيذ حكم بالسجن خمس سنوات، لينضم إلى محامين آخرين محتجزين بشكل وُصف بالتعسفي منذ عام 2023 في القضية نفسها.
وكان الهمامي من أعضاء هيئة الدفاع عن الموقوفين إلى حدود ماي 2023، قبل أن يضيفه قاضي التحقيق إلى قائمة المشتبه بهم ويوجه له الاتهام في أكتوبر من العام نفسه. كما فرضت عليه قيود تمثلت في منعه من السفر ومن الظهور في الأماكن العامة.
وأشار الخبراء إلى أن العياشي الهمامي يُعدّ من المحامين المعروفين والمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، كما كان المتحدث باسم لجنة الدفاع عن 57 قاضياً تم عزلهم تعسفياً في 1 جوان 2022 بموجب مرسوم رئاسي.
وفي سبتمبر الماضي، عبّر الخبراء عن قلقهم المتزايد بشأن وضع المحامين والحقوقيين في تونس، خصوصاً بعد إدانة المحامي أحمد صواب، الذي كان يتولى الدفاع عن محامين آخرين متهمين في القضية ذاتها، وذلك بموجب قانون الإرهاب.
وفي فيفري 2023، فتحت السلطات تحقيقاً قضائياً شمل 17 شخصاً، وجرى إيقاف 12 منهم. وضمت قائمة المعتقلين أعضاء في أحزاب معارضة، ونشطاء سياسيين، ومحامين، إضافة إلى مدير محطة إذاعية معروفة بإتاحتها مساحة لانتقاد الرئيس آنذاك.
وقد وصف الرئيس علناً هؤلاء الموقوفين بأنهم إرهابيون، واتهمهم بالتآمر على الدولة وإثارة اضطرابات اجتماعية، مستنداً إلى المادة 72 من المجلة الجزائية التي تنص على الإعدام لكل من يحاول تغيير نظام الحكم، بالإضافة إلى أكثر من 12 فصلاً من قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، وفق ما جاء في تقرير الخبراء الأمميين.
ويواجه الهمامي محاكمة منفصلة في قضية أخرى بموجب المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة الإعلام والاتصال، بسبب تصريح أدلى به بصفته محامياً دفاعاً عن قضاة تم عزلهم تعسفياً سنة 2022.