آراء

النـــهضة و الكومــيـــدياء الـــسوداء …

كتب -رشيد الكراي
"يقتل القتيل و يمشي في جنازته" ذلك هو المثل العربي الشائع والمشهور الذي ينطبق على كل من له وجهين ولسانين وموقفين مختلفين متضادين ، يطالعك بالوجه الجميل الصبوح بعد أن يكون قد أخافك قبلها بأن أخرج لك "وجه القرد"، ويعطيك من طرف اللسان حلاوة بعد أن أسمعك أطنانا من بذيء الكلام ، ويقف موقف المساند لك في أزمتك والمتعاطف مع محنتك مع أنه هو من كان سببا فيما أنت به ، وهو باختصار كما يقول المثل يمكن أن يجهز عليك فيرديك قتيلا ثم يغسل يديه من آثار الجريمة ويشارك في غسلك وتكفينك وحمل نعشك مع المشيعين دون أن يطرف له جفن وربما يتصدر مجلس العزاء ليتلقى الفاتحة على روحك
وليس بالضرورة أن تجتمع هاتان الصفتان المتناقضتان المتنافرتان في شخصية واحدة ، بل يمكن أن يتقاسمها أكثر من شخص داخل الجماعة الواحدة فيما يعرف في الاصطلاح السياسي بتوزيع الأدوار ، هذا يضربك وذاك يطيب خاطرك ، وذاك يشتمك وهذا يهوّن عليك وقع الشتيمة ، الجهاز الأمني يعتقلك ، والجهاز السياسي يواسيك ويعتذر لك ، وهكذا دواليك
خلال هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب التونسي والتي هي من أصعب الظروف التي مرت على تاريخه ، لا مناص من الإقرار بأنّ ما حدث وما يحدث من قتل وتنكيل بأبناء شعبنا من رجال الجيش والأمن على أيدي العناصر الإرهابية التكفيرية وبأدلة وبراهين وصور تثبت هذه الأعمال ما هي إلاّ استمرار للمؤامرة الدنيئة الخبيثة الأمريكية الإخوانية العربية وتحديدا القطرية التي سُمّيت بالربيع العربي الذي جلب معه "ياجوج و ماجوج" العصر ، إخوان الشياطين وليس كما يدّعون كذبا الإخوان المسلمين
ويخيل إليّ أن حال جماعة النهضة في تونس اليوم أشبه بحال طفل كان يطالب أباه بلعبة وحين يحصل عليها سرعان ما يملّ من اللّعب بها و يسعى جاهدا لإتلافها من أجل المطالبة بأخرى . هذا ما يحدث الآن عبر مطالبة زعماء النهضة بالوحدة الوطنية في مواجهة الإرهاب !!! وقد شعروا بمزيد تضييق الخناق على أنفاسهم بعد مجزرة الشعانبي الجديدة بعد أن كان جهدهم منصبّا على ما أسموه بالرئيس التوافقي ، بعد خروجهم القسري من الحكم وأداء كارثي دام عامين عاني يعاني كلّ التونسيين اليوم من تبعاته وانعكاساته
من الوقاحة أن يخنق شخص ما أباه ، ومن ثم يقف على جثته متباكيا ويتفحص نبضه معلنا موته وتوزيع تركته …