آراء

الحرب الكلامية بين السبسي والمرزوقي تهدد السلم الاحتماعي

بعد أن أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية يوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2014، و مرور كل من محمد المنصف المرزوقي والباجي قايد السبسي الى الدور الثاني بتحصلهم على أعلى نسبة أصوات بفارق بينهما يصل الى 6 بالمائة أي ما يقارب 196.966 من الاصوات ، انطلق المرشحين للدور الثاني في تأجيج الشارع التونسي من خلال الدعوة الى التفرقة والانزلاق في الدعوة الكراهية و الاخلال بالقيم التي تجمع من أجلها جميع التونسيين لمحاربة الفقر والأوضاع المادية الهشة التي يعاني منها عدد كبير من التونسيين بمختلف ولايات الجمهورية ومحاربة الارهاب الذي توغل في بلادنا منذ حوالي 3 سنوات بسبب لا المسؤولية لعدد من القيادات التي حكمت البلاد طيلة الفترة الممتدة من الثورة الى اليوم.
 وعلى الرغم من السبسي للمناظرة التلفزية التي كان قد دعاه اليها المرزوقي بعد الاعلان عن نتائج الدور الثاني للانتخابات خوفا منه الانزلاق في انقلاب موازين القوى لصالح شق منهما، الا أن تصريحات السبسي التي قال فيها ان المرزوقي هو مرشح حركة النهضة و السلفية الجهادية.. والجماعات الداعية للعنف على غرار رابطات حماية الثورة المتورطة في أعمال العنف و أن الجنوب هو فقط الذي صوتا له..." أثارت غضب حفيظة عدد من التونسيين، معتبرين أن تصريحاته تدعو الى التفرقة بين التونسيين خاصة من قبل الاهالي بالجنوب التونسي الذي طالبوا السبسي بضرورة توضيح موقفه.
ويبدو أن تصريحات السبسي كان ينتظرها العديد من الذين يبحثون على التفرقة بين الشمال المتحضر والجنوب الفقير وفق وصفهم بالتراشق بالتهم وبتقسيم الخارطة التونسية الى جزئين الا أن عدد كبير من التونسيين اعتبر ذلك أمر غير مقبول ولا يبعث للطمأنة خاصة بعد الاحتجاجات التي قام بها الاهالي ولايت مدنين وتطاوين والقصرين يومي و نسيا الطرفان أنه من شأن أن تقود هذه الاحتجاجات البلاد الى مخاطر حقيقية ومحدقة و خاصة انها ستكون فرصة للجماعات الارهابية بأن تتحرك لتنفيذ مخططاتها في ظل الفوضى و الهرج و المرج القائم في البلاد.
و لاحظنا ان تبادل التهم ليس فقط بين رواد صفحات التواصل الاجتماعي بل بلغ الحد أقصاه وأصبحت التهم متبادلة بين قيادات احزاب المرشحين الاثنين وخاصة من قبل قيادات حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على غرار عبد الوهاب معطر و طارق الكحلاوي... وكأن السبسي أخطا عندما قال الذين صوتوا الى المرزوقي هم أنصار حزب حركة النهضة والمنتمين الى السلفية الجهادية وذلك على الرغم ما أثبتته استطلاعات الراي والتي أكدت أن الذين صوتوا الى المرزوقي هم من حزب حركة النهضة ويمثلون 70 بالمائة من جملة الاصوات للمرزوقي و 13 بالمائة هم من حزب المؤتمر في حين ان النسبة المتبقية هي من ناخبين اخرين ليس لهم أي ولاءات حزبية وصوتوا للمرزوقي على اساس المبادئ التي قامت من أجلها الثورة التونسية متجاهلين الهفوات التي قام بها خلال حملته الانتخابية والاداء المحتشم الذي قدمه حزبه طيلة 3 سنوات منذ تنصيب المرزوقي على كرسي قرطاج ليعتبر من ذلك الوقت سجين قصر قرطاج باعتبار أن ظهوره مرتبط الا اذا حلت بتونس كارثة على غرار العمليات الارهابية واغتيال الجنود وتعزية العائلات ونسي أنصار المرزوقي عندما وصف مرشحهم العلمانيين بالطاغوت ووصف خصومه بـ "الشيطان" (أعوذ بالله أعوذ بالله أعوذ بالله)... وبالتالي قد يكون الذين التفوا حول المرزوقي وصوتوا له في الانتخابات الرئاسية ليسوا من المتشبعين بخطابه وبأداء حزبه و انما هم الذين يرفضوا عودة النظام السابق ورموزه على الرغم من أنه دعم مبني على عدم رغبة نظرا لعدم ترشيح حركة النهضة لمرشح خاص بها في الانتخابات الرئاسية.
كما لا يفوتنا أن عدنان منصر ، مدير الحملة الانتخابية للمرزوقي ، كان قد دعا في تعليق نشره على صفحته الرسمية على ''الفايسبوك'' ، الى عدم التصويت الى من منافس مرشحه الباجي قايد السبسي، معتبرا كل من صوت لغير مرشحه هم عبيد وليس الذين اختاروا الديمقراطية بالابتعاد عن العنف والمحاسبة ومعالجة القضايا العاجلة... ويبدو أن المرشحين الاثنين تفطنا في نهاية المطاف الى أن الدعوة الى التفرقة بين التونسيين من خلال الخطابات المتشنجة والتطاحن اللفظي ليس له أي سبيل
و الافضل لتونس وللمرحلة القادمة هو تجميع التونسيين والتراجع عن حرب التصريحات القائمة على التفرقة خاصة بعد رفض عدد من التونسيين ومكونات المجتمع المدني وعدد من الاحزاب التطاحن في التصريحات و دعوتهم الى ضرورة الالتزام باحترام حقوق الانسان والابتعاد عن الكراهية والتباغض.

كلثوم