آراء

تونس في مرمى "دواعش" ليبيا

 أكد الرئيس، الباجي قائد السبسي، في تصريح له منذ أيام، أن "داعش" أصبحت على بعد 70 كيلومترا من الحدود التونسية، ويقصد هنا طبعا تمركز تنظيم ما يسمي بالدولة الإسلامية في ليبيا، وبداية الشروع في التمدد نحو تونس، وشمال افريقيا. تصريح السبسي، يكشف على أن تمركز الجماعات المتشددة بليبيا، في ظل غياب الدولة بل تفككها، ويمثل خطرا محدقا بالمنطقة ككل. هذا ما أكد عليه أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد معمر القذافي في مداخلة له على اذاعة "كاب أف أم" . حينما شدد على أن "عدم استقرار الوضع في ليبيا يعني ان المنطقة ستشتعل و لن تستقر تونس و افريقيا عموما"

1

استشعار الخطر القادم من الحدود الجنوبية لتونس مع ليبيا، يفسر الزيارات التي قام بها الرئيس السبسي، الى عدد من الدول، والتي كان محورها الرئيسي الجانب الأمني ثم الاقتصادي. تحركت "الدبلوماسية الأمنية" التونسية، بقيادة الرئيس الباجي قائد السبسي، تمثلت بالخصوص في زيارتين الى كل من مصر والأردن(خلال شهر أكتوبر الجاري)، وعلمت "العربية.نت" أن "البعد الأمني" طغي على جدول أعمال الزيارتين، في علاقة بتطورات الوضع في ليبيا، عبر بحث سيناريوهات تفاعلات المشهد الليبي، سواء في علاقة بتمدد "داعش" والتنظيمات المتشددة، أو في علاقة بالجانب السياسي خصوصا مبادرة الأمم المتحدة التي ما تزال محل تجاذبات بين الفرقاء الليبيين.

2

في المجال الدبلوماسي، لا يمكن المرور عن الاتفاق الذي حصل مع واشنطن خلال زيارة الرئيس السبسي لأمريكا، والذي بمقتضاه تم منح تونس صفة الشريك الاستراتيجي لحلف "الناتو" من خارج الحلف الأطلسي. وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في شهر يوليو الفارط، أن واشنطن وافقت على منح تونس مكانة "الشريك الرئيسي من خارج الحلف الأطلسي" (الناتو)، ما يفتح الطريق أمام تعزيز التعاون العسكري بين البلدين..وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي، إن "مكانة الشريك الرئيسي من خارج الحلف الأطلسي تؤكد دعمنا لقرار تونس بالانضمام إلى ديمقراطيات العالم"، فضلا عن كونها "مؤشرا لعلاقاتنا الوثيقة".

وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أعلن في مايو الماضي، لدى استقباله نظيره التونسي، الباجي قائد السبسي، نيته منح تونس مكانة "الشريك الرئيسي من خارج الحلف الأطلسي".. وأشار كيربي إلى أن من شأن هذا الأمر أن يمنح تونس "امتيازات ملموسة، من بينها أن تصبح مؤهلة للتدريبات، ومنحها القروض في إطار التعاون في مجال الأبحاث والتطوير".. وبذلك تصبح تونس الدولة الـ16 التي تحصل على مكانة "الشريك الرئيسي من خارج الحلف الأطلسي" لدى الولايات المتحدة.

3

بعد هذا القرار، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة عن انضمام تونس للتحالف الدولي في الحرب على "داعش". وهو اعلان رأي كل المراقبين على أنه سيكون له تداعياته، وأنه لا يستبعد أن يخطط "داعش" لضرب تونس، خاصة من الجبهة الليبية، مستغلا طول الحدود بين البلدين، حوالي 500 كيلومتر، اضافة الى وجود "خلايا نائمة" للتنظيم في تونس، يتوقع أنها تنتظر "التعليمات" للتحرك. كما أن الشباب التونسي، يعد من أبرز مكونات الجيش "الداعشي"، اذ تتحدث التقارير الاستخباراتية عن وجود نحو 5 ألاف شاب تونسي، يقاتلون في صفوف التنظيمات الجهادية، في سوريا والعراق وليبيا.

4

لاستباق الخطر "الداعشي"، تحركت السلطات التونسية، على الميدان من خلال تفعيل ودعم المراقبة على الحدود الليبية، والشروع في بناء ساتر ترابي وخندق مائي على طول الحدود بين البلدين. كما أعلنت السلطات التونسية، في 22 أكتوبر الجاري، رفع درجة تأهبها على الحدود البحرية من جهتي بن قردان وجرجيس على حدودها مع ليبيا، تحسبًا لأي طارئ في ظل ارتفاع وتيرة الحرب الدائرة في ليبيا.

وأوضحت السلطات التونسية أنَّه تمَّ تكثيف الدوريات البحرية والرفع من عدد خفر السواحل، لتغطية كامل الشريط البحري الحدودي مع ليبيا من جهتي بن قردان وجرجيس، وذلك لمنع تسلل أشخاص أو أسلحة بحرًا من ليبيا إلى تونس، ولردع كل محاولة إبحار خلسة، وذلك وفق ما أوردته وكالة الأنباء الليبية. تهدف هذه الاحتياطات التي تم اتخاذها بالتنسيق مع وحدات القوات البحرية تهدف إلى حماية الحدود التونسية من أية تبعات للمعارك الدائرة في المدن الليبية الساحلية الحدودية مع تونس، خاصة مدينة زوارة.


5

التحركات التونسية استعدادا لمواجهة كل تحرك محتمل من قبل "داعش" على حدودنا، هناك حديث على أنها مسنودة على الميدان من قبل حلف "الناتو" وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. في هذا الطار أورد موقع مجلة "لوبوان" lepoint.fr الفرنسية، يوم 19 أكتوبر الجاري، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بنقل طائراتها دون طيار '’ Reaper من النيجر إلى تونس لتوفير وسائل للمراقبة والهجوم على الحدود الليبية التونسية. وحسب الموقع الفرنسي فإن هذه الطائرات التي كانت تتموقع في نيامي بالنيجر في إطار عملية 'برخان' لمقاومة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والإرهابيين في منطقة الساحل سيتم نقلها إلى تونس من اجل حماية حدودها من التهديدات الإرهابية المتأتية من ليبيا.

6

في علاقة بحقيقة الخطر القادم من ليبيا، لابد من الاشارة الى ما أوردته تقارير اعلامية استنادا الى ما قالت أنه مصادر مقربة من تنظيم «داعش» في مدينة سرت، مفاده أن طائرات أسقطت السبت في غياب المراقبة الجوية العسكرية أسلحة وذخائر لعناصر التنظيم في المدينة، فيما لم توضح المصادر مصدر هذه الطائرات. وهو ما أوردته بوابة "الوسط" الليبية.
وأوضحت ذات المصادر لموقع "الوسط" أن الأسلحة والذخائر أسقطت في منطقة الظهير التي تقع غرب سرت بنحو 17 كيلو متر، قرب معسكر تدريب وموقع معيشة ومخازن للأسلحة والذخائر. وكان تنظيم «داعش» فرض سيطرته على كل المواقع الحكومية والحيوية في مدينة سرت مايو الماضي، بعد أن استولى على مطار سرت الدولي وقاعدة القرضابية المجاورة.
من جانب أخر، أشارت تقارير اعلامية الى أن هناك طائرات استقدمت خلال اأيام الأخيرة مقاتلين من شمال إفريقيا ومن بينهم تونسيين. وأكدت ذات التقارير على أن هؤلاء المقاتلين تلقوا تعليمات بالرجوع إلى بلدانهم منذ بداية الهجوم الروسي على معاقل إرهابيي “داعش”. ويوجد تونسيون من بين المقاتلين العائدين وذلك بهدف تنفيذ مخطط يتمثل في ضرب استقرار تونس وفتح جبهة جديدة لداعش في شمال افريقيا.

منذر بالضيافي