آراء

حافظ قائد السبسي أو الدرجة الصفر للسياسة

 شاهدنا يوم أمس أول حوار تلفزي للغائب بالحضور في الصراعات التي تمزق الحزب الأول..

حافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية ومتزعّم شق جربة تحدث حوالي الساعة (هكذا!) عن تصوره لحقيقة أزمة حزب نداء تونس والحلول المقترحة..
لن نتحدث طويلا عن التاريخ السياسي للرجل بانتمائه للحزب الاجتماعي التحرري الذي أسسه الفقيد منير الباجي وحيث يعلم الجميع أن السيد حافظ قائد السبسي لم يكن شخصية بارزة في هذا الحزيّب الصغير الذي أثث جزءا من الديكور الخلفي لنظام بن علي ولن نتحدث أيضا عن نشاطه "الجمعياتي" في فريق كرة قدم.. سوف نتحدّث فقط عمّا جاء في هذا الحوار من سعي مستراب لإعادة كتابة تاريخ نداء تونس حيث أصبح وكأنه مسألة شبه عائلية دبّرت بمكتب بين الأب وابنه وأصدقائهما..
فهو "المؤسس" المتعفّف عن ذكر اسمه في بيان التأسيس ولكن المطالب به بعد أكثر من سنتين عندما تمّ انتخاب الأب وخرج بذلك، قانونا، من جملة المؤسسين فعوضه الابن جمعية رئيس الحزب بالنيابة ورئيس الكتلة وبالطبع من يرى في هذه العملية شبهة توريث فهو يساهم في التشويه الممنهج ضد نجل الرئيس !!
الخطير في تصريحات نائب رئيس نداء تونس هو اتهامه الأمين العام لحزبه محسن مرزوق بما يشبه الخيانة العظمى وتشويه صورة البلاد ورئيس الجمهورية والحكومة في أروقة السفارات الأجنبية وكذلك خارج البلاد.. والدليل "الدامغ" هو ما ورد بجريدة يومية..
ثم يعطينا السيد حافظ قائد السبسي القاعدة الفكرية للخلاف بينه وبين محسن مرزوق.. فالأول هو من دعاة البورقيبية المتجددة أما الثاني فهو من أنصار البورقيبية الجديدة ويضيف حافظ قائد السبسي بكل ثقة في النفس بأنه لا يعلم ما معنى بورقيبية جديدة بما أن البورقيبية المتجددة واضحة بالنسبة له ولعله أراد أن يقول بأن البورقيبية قد تجددت مع والده رئيس الجمهورية وأنها قد تتجدد مرة أخرى معه..
ولا ندري كيف يصف نائب رئيس حزب أمينه العام بالخيانة الوطنية ثم يقول بأنه مع الوفاق !! وفاق مع الخونة؟ !
ثم إن كان نجل رئيس الجمهورية لا يطمح إلى أي شيء، سوى رضا الله ورضاء الوالدين، فلمَ كل هذا؟ ومن أجل من؟ وترى لو لم يكن ابن رئيس الجمهورية هل سيجد كل هذا الدعم الظاهري؟
حافظ قائد السبسي يبشر – بصفة ضمنية – بتطهير حزبه من "الخونة" أنصار "الأمين العام السابق" كما قال أحد أنصاره يوم أمس والمقصود به محسن مرزوق لا الطيب البكوش باعتبار أن "المكتب السياسي" هو في حكم المنحل وبالتالي لم يعد ثمة من وجود لأمين عام.. وحافظ قائد السبسي لا يريد في الحزب في مؤتمره التأسيسي لا رئيسا ولا أمينا عاما بل قيادة جماعية لعل جلها من أصدقائه الذين يتحاور معهم يوميا وقد أشار إلى اثنين منهم: رضا بالحاج مدير الديوان الرئاسي وخميس كسيلة عضو مجلس نواب الشعب..
لا نخال أن مفاهيم العلوم السياسية قادرة لوحدها على فك رموز خطاب النجل.. فلا بد لها من مفاهيم علوم النفس بأصنافها (علم النفس وعلم النفس الكلينيكي وعلم النفس التحليلي). فالواضح أننا أمام رجل يريد أن يثبت لأبيه صاحب التاريخ السياسي الحافل بأنه ليس مجرد لقب بل اسم يسعى لفرض نفسه ولو تطلّب ذلك التحطيم الرمزي لكل ما بناه الأب.. وأن هذا التحطيم إنما هو شكل من أشكال الوفاء وأنه لا يبتغي إلا رضاه وإثبات قدرته على الفعل وأنه جمع حوله "صداقات" قد توصله إلى مبتغاه....مسكينة تونس...
 
زياد كريشان