لم يكن "السلطان" يحتاج إلى رفع أصابعه الأربعة، لندرك ـ بالأربعة ـ أنّه يناجي طيف زميله الإخواني محمّد مرسي انطلاقا من الأراضي التونسية، أو هو يغازل حزبا تونسيا مازال متسمّرا ذهنيّا في "ساحة رابعة العدوية" لكنه لم يعد مهيمنا كما كان ... لم نكن نحتاج ونحن نعرف تمام المعرفة أن جزءًا من مأساتنا الدّامية في الاستقرار وفي التنمية وفي الصّورة الخارجيّة كان يطبخ في جزئه اللّوجستي داخل غرف في اسطمبول ... لم نكن نحتاج الأصابع الأربعة لتذكّرنا بهؤلاء الذّين دخلوا اسطمبول من تونس بعنوان سياحي، وخرجوا منها الى سوريا بعنوان إرهابي ...
وحتّى إن فسّر أوردوغان "الأربعة" على أنّها رمز تركي للشعب والعلم والجيش والوطن، فإنّ آثار أقدام ساحة رابعة العدويّة، قد سبقته أو هي مستوطنة في بعض أحزاب تونسيّة مريضة تنتمي سياقيا إلى تركة "الرجل المريض" ولذلك وجدها السلطان في "قمّة" الضعف ...
نحن ندرك تماما أنّ "السلطان" جاء باحثا عن البقية الإخوانية التي لم تنقرض على وقع حدث مصر المزلزل بفضل حكمة التوانسة وتحضّرهم وميلهم الى الحوار بدل الصدام ... نعرف أنّه جاء كما جاء آخرون من العرب وغيرهم باحثين عن لحظة احتواء وهيمنة داخل بلد جار عليه الزّمن ...
لقد هُنَّا على أشقائنا الخليجيين فاعتمدونا مختبرا ميدانيّا لصراعاتهم القطريّة الإماراتيّة، فكيف لا نهون على بلد سبق وأن عمّم الجهل والتخلّف والفقر خلال استعماره العثماني للبلاد العربية ؟؟
كيف لا نهون على هذا الذي تعرفه مصانع نسيجنا المغلقة بفعل غزو بضاعته الرخيصة، قبل أن تعرفه عائلات المغرّر بهم في الحروب القذرة، وقبل أن يعرفه العميد الدكتور فتحي بيوض، العسكري الذي استشهد في تركيا، وهو يبحث عن انتشال ابنه المهاجر الى بؤر التوتّر ...
نعرف أن تركيا التي تجمّع في فضائها كلّ الراغبين في نهش نصيب من المذبحة متعدّدة الجنسيات ضدّ سوريا الشقيقة، لن تتنفّس إلاّ في جلباب "رابعة" ...
وبقدر ما نعرف ذلك، نعرف أنفسنا، نعرف أنّ التوانسة الذين هزموا بضاعة الأتراك في مجلس النواب عبر الفصل 36، يفرّقون جيدا بين من يفتح يده للتعاون والاستثمار، وبين من يفتح أصابعه الأربعة للمكابرة على هزيمة الإخوان النكراء أمام التاريخ ... والجغرافيا ...
نعرف جيّدا، لماذا لم يتّسع مجلس نوابنا بالأمس، لحضور "السّلطان" ولماذا يصرّ التوانسة على التوجّس من أيّ يد ممدودة بالتعاون الملغوم ..؟
لقد قيل أنّ أوردوغان ضيف دولة فلماذا يوحي بأصابعه الأربعة أنّه ضيف حزب سياسي ؟ لماذا يذكّرنا بأنّه حليف حركة النهضة ونحن نعرف ذلك، بل ذقنا «مُرّهُ وقراحه» خلال سنوات يغمرنا تذكارها بغمامة سوداء، من دم ورعب وألوية مهاجرة الى محارق الشرق ...
عندما ستأتينا الأخبار اليقين عن شبكات التّسفير، سنجد صفحات عن محطّة اسطمبول أين كانت تحاك المؤامرة الكبرى ضدّ استقرار المنطقة، وعند ذلك سنقف لا محالة على فظائع تهتك جلباب "العفّة"، سندرك فعلا أن شعار «رابعة» ليس رمزا تركيّا كما يشيع أوردوغان، بل رمزا إخوانيّا كما هو في الواقع المرّ ...
لن يستطيع "السلطان" أن يخدع تونس دولة وشعبا، والإجابة جاءته من الجميع، من أوّل الأطر الرسميّة الى آخر ركن في الشارع ... قد يكون شعار «رابعة» مقبولا «نهضاويّا» لكنّه غير مقبول تونسيّا، وهذه حقيقة يكفي لأوردوغان أن يستطلع صورته في التمثلات الذهنية للتوانسة حتّى يدركها جيّدا .. وحتّى ينقطع مستقبلا عن التكبّر وافتعال «العظمة» ...
بالأربعة حيّى "السلطان" الإخوان فأطّر زيارته في باب الاستثمار الايديولوجي في لحظة الاسلام السياسي الميّتة ... فلماذا يحسبها علينا "زيارة دولة" ؟ ولماذا الزيارة أصلا، و"الخير التركي العميم" قد غمرنا وزيادة، مهانَةً، وعطالة تنمويّة، وإرهابا مهاجرا يقبّح وجه التاريخ ؟.. غمرنا منذ أن حلّ الاستعمار العثماني فأحالنا الى مكان قصيّ خارج التطوّر ... ومنذ أن حلت بنا النكبة الإخوانية فشوّهت معالم دولتنا الوطنية، ولولا صحوتنا المجتمعية الحداثية في الوقت المناسب، لأحالتنا أصلا الى "إيالة عثمانية بائسة" ...
حيّى أوردوغان الإخوان بالأربعة، وكان أولى أن ينعاهم هناك، من حدود بلاده بعد هزيمته النكراء في حلب الشهباء ... فتونس لا ترفع إلا شعارها الوطني ويبدو أنّ رئيس الجمهورية قد أصاب الردّ حين قال أمس في الندوة الصحفية "لا رابعة ولا خامسة" ...
خليل الرقيق
مهنياً: يتحدث هذا اليوم عن أوضاع مهنية متينة وممتازة، وما بدأت به قابل للاستمرار والتطوّر إذا واظبت عليه بجدك ونشاطك المعهودين
عاطفياً: غيمة سوداء قد تؤثر في علاقتك بالحبيب لكن سرعان ما تعود الأمور إلى طبيعتها وأفضل مما كانت سابقاً
صحياً: إذا رغبت في تحسين وضعك الصحي، عليك أن تبذل جهداً أكبر في المستقبل القريب لتقطف ثمار ذلك لاحقاً