ثقافة و فن

مهدي الهميلي : الحب يمثل القضية الأولى والأسمى لفيلم أطياف

 سيتابع جمهور الفن السابع ابتداءا من 19 جانفي بقاعات السينما فيلم "أطياف" للمخرج التونسي مهدي الهميلي الذي شارك فيه العديد من الأسماء الفنية البارزة في بلادنا على غرار عفاف بن محمود.

يعتبر مهدي الهميلي من المخرجين الشبان الذي ينحتون أسمائهم من ذهب في المجال الفني عموما وخاصة في الإخراج برؤية عميقة في قراءة وطرح المواضيع المختلفة التي تعبر عن المجتمع.
تعامل الهميلي مع العديد من الممثلين كنجلاء بن عبد الله و غانم الزرلي وفاطمة بن سعيدان وغيرهم كما أخرج أفلاما سينمائيًة مهمة على سبيل الذكر "تالة مون أمور" و"ليلا".
مهدي كذلك يعتبر من أهم الشعراء الشعبيين في تونس  بقصائده المتنوعة حيث استلهم عنوان فيلمه أطياف من الشعر الذي دونه.
ضيفنا اليوم في أرابسك المخرج والشاعر التونسي مهدي الهميلي الذي يخطو بخطى ثابتة من خلال إنجاز أفلام مهمة و قصائد و كتابات ساخرة أيضا.
في هذا الحوار تحدثنا عن السينما، عن الأحلام وعن مواضيع أخرى تكتشفونها بكثير من العفوية و الحرية.
لماذا هذا العنوان مهدي الهميلي؟
الفيلم هو بمثابة جملة من التيارات : تيارات من الكره والعنف و المحبة والجنس واكتشاف الذات كما أني أحسست أن الفيلم متوحش و عنيف إضافة أن كلمة أطياف استعملتها كثيرا في الشعر و كلمة أطياف تعبر عن ذاتي حيث دائما أعتبر نفسي طيف من الأطياف ربما حقيقي أو غير حقيقي فالكلمة في معناها شاعرية وواقعية كذلك. 
كيف كانت ظروف التحضير والتصوير لفيلم أطياف؟ 
أول نسخة من فيلم أطياف كتبت سنة 2009 عندما كان فيلم قصير وفيه أردت سرد حكاية طفل صغير مغرم بكرة القدم وأراد تحقيق حلمه لكن المجتمع هو الذي  منعه من ذلك وبعد هذا الوقت اشتغلت على هذا الفيلم في مصر سنة 2010 باعتبار أنني لم أستطع إخراج أفلام في تونس لعدة أسباب . كما أن التحضير لهذا الفيلم كان صعبا جدا وقمنا بالتصوير في أواخر 2019  ودامت هذه الفترة شهرين. 
ساهمت في إنتاج فيلم أطياف من خلال شركتي في تونس مع كبار المنتجين الأجانب حيث مثل لي هذا الفيلم تحديا خاصة و أن التصوير كان متعبا على المستوى الجسدي والذهني والمالي بالنسبة لي فإن فيلم أطياف يمثل مرحلة مهمة من حياتي وأشعر أني وفقت بنسبة 70 % و أتمنى أن يترك الفيلم أثرا لدى الجمهور. 
ماهي القضايا التي يطرحها فيلم أطياف ؟ 
القضية الأولى والأسمى للفيلم هي الحب حيث يوجد أم تريد إنقاذ حبها لنفسها ولابنها في ظل مجتع أبوي ذكوري متسلط ومتدين باعتماد الدين الخاطئ والذي يأخذ فقط من الدين الجوانب التي تقمع الإنسان. 
أضف على ذلك فإن القضية الاساسية للفيلم كذلك هي الحرية و الحريات الشخصية فكل شخصية تسعى إلى عيش الحرية مع تحمل المسؤولية إلى الآخر. 
 دعنا نعرف ما الذي دفع بمهدي إلى عشق عالم السينما و الإخراج؟ 
الكثير من النقاط جعلتني أغرم بعالم السينما ،كان حلمي أن أكون مؤلفا وكنت أريد أن أسرد حكايات ،وأكون أنا القائد في الحكاية وأحكيها لا أن أكون في حكايات أناس آخرين وأردت أن تكون لي وجهة نظر خاصة بي  ،وفي وقت من الاوقات اخترت أن أقف وراء الكاميرا وابتعدت عن التمثيل رغم أني أعشق هذه المهنة و أحب الممثلين وفهمت أن عالم السينما يجمع بين العديد من الفنون ،بين الكتابة و الصورة و التمثيل والشعر ولذلك توجهت للإخراج والسينما.
هل كتاباتك الساخرة عن الوضع في تونس ونقدك لفترة بن علي هي التي حتمت عليك البقاء خارج حدود الوطن ؟
في الحقيقة ذهابي إلى فرنسا كان لعدة أسباب وأهمها الهروب من الواقع خاصة عندمت تكون تنتمي إلى وسط اجتماعي متواضع فصعب جدا أن تقبلك السينما التونسية في تلك الفترة ولازالت إلى الآن تشهد بعض الصعوبات كتوريث المخرج الاخراج لابنه وسيطرة عائلات كبيرة على هذا المجال كالانتاج والسينما.
إضافة إلى ذلك فإني كنت بطبعي ثوري ولا أخاف كما أني أكره كل القوالب الاجتماعية والأحكام المسبقة ولذلك قررت المكوث في فرنسا ودراسة السينما : السيناريو والاخراج.
إلى جانب أني كنت رافضا لنظام بن علي وعموما كنت رافضا إلى كل شكل من أشكال الظلم والقمع وبالتالي قطنت بباريس و كنت أكتب الشعر بالدارجة والبداية بأحداث الحوض المنجمي حيث كتبت قصائد ضد بن علي شخصيا.
و بالرغم من أنها كانت فترة صعبة فإنها فترة ممتعة كذلك لكن تعرضت إلى مضايقات وأنا أعيش بباريس وقد تلقيت مكالمات هاتفية مهددة لشخصي ،كما أعتبر ان تلك المرحلة مهمة جدا حيث كونتني نفسيا وفنيا وبالنسبة لي كانت فترة غزيرة بالانتاجات الفنية واختتمت تلك الفترة بقصيدة طويلة تحت عنوان "يا  تونس" وقد نشرت بجريدة المغرب بعد الثورة.
ماهو حلم مهدي في عالم السينما ؟
حلمي في السينما لازال يتشكل ويتهيكل من فيلم إلى فيلم وبذلك أحاول أن تكون أعمالي الفنية تشبهني وتشبه الانسان عموما والفنان المعاصر خصوصا بجميع تناقضاتها أي عنيفة، رقيقة، ومتوحشة فنحن نعيش في عالم فضيع وصعب. 
إذن حلمي لازال يتحقق شيئا فشيئا وكل فيلم أنجزه، أحاول من خلاله أن أتطور ككاتب وكمخرج ،وأعتقد أن لي خمس أو ست أفلام طويلة مستقبلا وأطمح أن أخرجهم في العشرين سنة القادمة.
ماهو سر النجاح بالنسبة لك ؟
إلى حد هذه اللحظة ربما نجحت في أني لم أخن مبادئي السينمائية والأخلاقية والذاتية والتي من خلالها أسعى إلى التعبير عن ذاتي في أفلامي و نجحت في تقديم إحساس للمتفرج وأهم سر للنجاح هو الصدق وإلى أي مدى يمكن للمخرج أو الكاتب أو المنتج أن يضحي بماله ربما، بهدف تحقيق الرسالة النبيلة للفن.
ماهي أهم أعمالك المستقبلية ؟
لي فيلم قصير من إنتاجي لإيناس عرصي تحت عنوان "بدمي ولحمي" وفخور بإنتاجه إضافة إلى ذلك لي فيلم وثائقي سينمائيً فني تحت عنوان" فولاذ" هو فيلم وثائقي سينمائيً فني،  فيلم سينمائيً بحت: إخراج مشترك مع عبد الله الشامخ، وهو فيلم شاعري وقاسي على العمال في مصنع الفولاذ في منزل بورقيبة كما أننا نشتغل عليه منذ سنين و أتمنى أن يرى النور. لي كذلك فيلم أقوم بإنتاجه لوليد الطايع تحت اسم "أهل الهوى" وهو فيلم شاعري ومختلف،  فيلم فني بحت و كذلك أشتغل في نفس الوقت على فيلمي الجديد والذي سينهي الثلاثي من الأفلام التي أخرجتها وأبطالها امرأة عاملة وعنوانه" مواسم جنات" ، هذا الفيلم تحصل على دعم من عديد الجهات مثل المساعدة على الكتابة كما تحصل على جائزة في مهرجان البحر الأحمر مؤخرا. 
في ذات السياق أود إنتاج ديوان خاص بي فيه أهم القصائد التي كتبتها في العشرية الماضية أي قبل الثورة وذلك سيكون في هذا العام.
 
 
حوار : عادل اليحياوي