ثقافة و فن

فلاغرنتي : أول مسرحية عن المثليين في تونس

 تطرح المخرجة التونسية الشابة آسيا الجعايبي في مسرحيتها فلاغرنتي قضية المثليين، وهي قضية اجتماعية حساسة لم تطرح من قبل في أعمال مسرحية، ما خلق حالة من الصدمة مع العرض الأول للمسرحية في تونس العاصمة.

والمخرجة آسيا الجعايبي هي سليلة عائلة فنية، فهي ابنة المنتج والمخرج المسرحي الفاضل الجعايبي الذي اشتهر بأعماله المسرحية على امتداد عقود، لا سيما مسرحية ”جنون“ ومسرحيتي ”هرب“ و“العرس“ اللتين تم تحويلهما إلى أعمال سينمائية.
واختارت آسيا الجعايبي أن تخلق حالة الصدمة والذهول لدى المشاهد منذ المشاهد الأولى للمسرحية، وهي تعلن عن ذلك منذ البداية بقول أحد أبطال المسرحية مخاطبا الجمهور الحاضر 'اصنعوا ما شئتم وأنا أيضا سأفعل ما أشاء'.
وكشفت آسيا الجعايبي لوكالة 'فرانس برس' إن مسرحية 'فلاغرنتي' أو 'تلبس بجريمة'، التي عرضت مؤخرا في تونس مثّلت تحديا كبيرا وقد استغرق التحضير لها تسعة أشهر من العمل المتواصل.
وأُنتجت المسرحية بالشراكة مع منظمة 'موجودين' المحلية المدافعة عن حقوق المثليين، ويشارك فيها ستة ممثلين تتراوح أعمارهم بين 23 و71 عاما، في محاولة لإظهار أن الصراع المرتبط بالهوية والميول الجنسية يطال مختلف الأجيال والفئات.
وتفتح المسرحية مجال التعبير لفئة يحكم عليها المجتمع التونسي بالإقصاء وعدم قابلية التعايش معها، بينما يسود الصمت هذا المجتمع وحتى داخل العائلات التي تضم هذه الفئة، حتى أنّ الحديث عنها يمثل نوعا من ”العار“.
والمسرحية تُصنّف ضمن ”الكوميديا السوداء“، ويتولى الممثلون، ومعظمهم هواة اختيروا لهذه المهمة عن طريق تجربة أداء مسبق، تقمّص شخصيات قالوا إنّ حريتها ”مهضومة بالكامل“، وهم ضحايا عنف داخل أسرهم وفي الشارع وأماكن العمل.
وتسلط المسرحية الضوء على هذه الفئة المنبوذة داخل العائلة الواحدة وفي المجتمع، ويلاحقها الوصم الاجتماعي وحتى الأحكام القضائية، بينما تجد مساندة لا يكاد يُسمع لها صوت، من منطلق حقوقي ومن باب الحفاظ على الحريات الفردية.
وقد خرج الناشطون في مجال الدفاع عن حقوق المثليين من الظل في تونس لأول مرة بعد 2011، مع ظهور منظمات وجمعيات محلية تدافع عن حقوقهم، لكن أصواتها غير مسموعة.
وبالإضافة إلى النشاط المدني في صلب الجمعيات والمنظمات، اختارت المخرجة التونسية آسيا الجعايبي طرح قضية هذه الفئة على خشبة المسرح، وهناك تروي كل شخصية قصتها وما تختزنه من مشاعر تجاه مجتمع ينبذها.
وعلى خشبة المسرح التقت ست شخصيات، هم آدم ومالك وبختة وأحمد وسلمى وريان، ورغم اختلافهم من حيث السنّ والمحيط الاجتماعي، فقد جمعتهم الصداقة والسعادة التي يعيشونها بين جدران منزل ”الحبيبين“ آدم ومالك.
ولا يتجاوز الزمن المسرحي لـ ”فلاغرنتي“ أربعة أيام عاشتها شخصيات المسرحية، وتم استيعابها على خشبة المسرح في ساعتين من العرض، وروت من خلالها قصصا مثيرة لا تخلو بين أسطرها وكلماتها من انتقادات للقوانين التي توصف بالبالية، وللتعاطي الأمني مع تحركات هذه الفئة من حين إلى آخر كلما أرادت التعبير عن حقوقها.