وطنية

العفو الدولية: مشروع الدستور الجديد يضعف ضمانات حقوق الإنسان

 اعتبرت منظمة لعفو الدولية، اليوم الثلاثاء 5 جويلية 2022، أنَّ مشروع الدستور الجديد في تونس صدر بعد مسار صياغة مُبهم ومسرّع، ويقوّض الضمانات المؤسساتية لحقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق الإمعان في الحدّ من استقلالية القضاء.

وقالت المنظمة في بيان، أن ''مشروع الدستور لا يوفر للقضاء التونسي الضمانات اللازمة للعمل باستقلالية وحيادية تامّتَيْن، ويزيل آليات الرقابة المُعتمدة لمحاسبة السلطات. ويتضمن أحكامًا مثيرة للقلق من شأنها أن تُعطي مجالاً للسلطات لتفسير الحقوق بطرق تقييدية باسم الإسلام. وفي حين أن مشروع الدستور المكتوب لا يزال يصون العديد من الحقوق الرئيسية، إلا أنه يمنح الرئيس صلاحيات طوارئ غير مقيّدة إلى حد كبير قد يستعملها لتقويض حقوق الإنسان''.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنَّ المشروع المقترح يفكك العديد من الضمانات المنصوص عليها في دستور ما بعد الثورة ولا يوفر ضمانات مؤسساتية لحقوق الإنسان. تبعث إزالة هذه الضمانات برسالة مروعة وتمثّل نكسة لجهود بُذلت على مدى أعوام لتعزيز حماية حقوق الإنسان في تونس”.
وأضافت مرايف: “من الصادم أنَّ الشعب التونسي حُرم من شرح شفاف يوضح كيف تمت صياغة مشروع الدستور الجديد. يتوجّب على السلطات ضمان توفر المعلومات التي تحظى باهتمام عام للجميع، وإخضاع مشروع الدستور، كما هو الحال مع أي تشريع جديد، لتمحيص عام وسياسي فعلي ومجدٍ”.
ولاحظت المنظمة، أن ''مشروع الدستور يقترح إنشاء ثلاثة مجالس عليا للقضاء للإشراف على السلطة القضائية، لكنه لا يضمن استقلاليتها''.
وقالت إن ''المجلس الأعلى للقضاء، بموجب دستور 2014، هو هيئة تهدف إلى حماية القضاء من تدخل السلطة التنفيذية. وكان دستور 2014 قد عزّز استقلالية وحيادية المجلس الأعلى للقضاء من خلال اشتراط أن يكون ثلثا أعضائه على الأقل قضاة ينتخبهم أقرانهم. ولا يتضمن مشروع الدستور الجديد أي ذكر لكيفية تكوين المجالس العليا للقضاء''.
وأضافت العفو الدولية: ''بالإضافة إلى ذلك، ينص مشروع الدستور على أن القضاة يعيَّنون بأمر رئاسي مباشر بناء على توصية من المجلس الأعلى للقضاء، وهي انتكاسة مقارنة بدستور 2014 الذي كان يستلزم من الرئيس اتباع رأي مطابق من المجلس لتعيين القضاة، كما كان يفوّض المجلس بالإشراف على عزل القضاة وترقيتهم ونقلهم. ويفتح مشروع الدستور الباب أمام تأديب القضاة وعزلهم من قبل السلطات التنفيذية من خلال إزالة الإشارة إلى أن مثل هذه القرارات يجب أن تُتخذ وفقًا “لقرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء”''.
كما اعتبرت أن المشروع المقترح يفكك العديد من الضمانات المنصوص عليها في دستور ما بعد الثورة ولا يوفر ضمانات مؤسساتية لحقوق الإنسان.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنَّ المعايير الدولية تقتضي أن يكون تعيين القضاة وترقيتهم وتأديبهم مستقلًا بما فيه الكفاية عن السلطة التنفيذية، وأن يخضع لإجراءات شفافة، بما يتماشى مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي يضمن الضوابط والتوازنات الفعالة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للحكومة ضد التجاوزات والانتهاكات.
كما يلغي مشروع الدستور شرطًا في الدستور الحالي ينصّ على تعامل المحاكم العسكرية مع الجرائم العسكرية فقط، والذي يهدف إلى حماية المدنيين من المثول أمام هذه المحاكم، وفق المنظمة.
ونتيجة لتقاعس المشرعين عن إصلاح القوانين اللازمة للامتثال لهذا الشرط، استمرت محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية منذ 2014. ومع ذلك، فإن حذف هذه الضمانة من الدستور بالكامل قد يؤدي إلى تفاقم هذا الوضع، لا سيما بالنظر إلى الزيادة المقلقة في عدد المدنيين الذين حوكموا أمام المحاكم العسكرية منذ استيلاء الرئيس سعيّد على السلطة.
وبينت العفو الدولة، أن ''الفصل 96 من مشروع الدستور الضمانات اللازمة لحماية حقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ''.
ولفتت إلى أنه ''خلافًا لدستور عام 2014، فإنه لا ينص على أي هيئات للطعن في التدابير الاستثنائية ولا يفرض حدًا زمنيًا لمراجعة القرار. كما يُغفل هذا الفصل في مشروع الدستور الشرط السابق بأن “تؤمّن التدابير عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال”.
وأبرزت أنه وفقا للمعايير الدولية، فإنه لا ينبغي تطبيق سلطات الطوارئ والتدابير الاستثنائية إلا عندما يكون ذلك ضروريًا للغاية لحماية الأمن القومي من تهديد يطال “بقاء الأمة”. وذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي هيئة الأمم المتحدة التي تراقب تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنَّ التدابير التي لا تتقيّد بأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عملًا بحالة الطوارئ يجب أن تكون استثنائية ومؤقتة. ويجب أن يكون الهدف الرئيسي للدولة هو العودة إلى الوضع الطبيعي.