وَجَّهَتْ مجموعة من المثقفين والفنانين العرب رسالة إلى مثقفي الغرب تدعوهم لأن يقابلوا “نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة والعادلة بالنصرة والتأييد”، وللتنديد “بممارسات القمع والقتل والاستيطان والحصار وتغيير المعالم التاريخية والدينية لفلسطين التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
ومن بين أبرز موقعي البيان؛ أدونيس، عبد الإله بلقزيز، الطاهر لبيب، مرسيل خليفة، محمد برادة، محمد بنيس، نبيل سليمان، ورشيد الضعيف، و داود عبد السيد، وجوخة الحارثي، سواهم.
وقال مطلقو البيان: “بمناسبة المواجهات التي تجري بين المقاومة الفلسطينية وقوى الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ومحيطه؛ وفي مناسبات أخرى من المواجهة سابقة، كنا ننتظر، نحن المثقفين العرب، من مفكري بلدان الغرب وأدبائها وفنانيها أن يقابلوا نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة والعادلة بالنصرة والتأييد، أسوة بما تفعله قطاعات اجتماعية حية من شعوب بلدان الغرب من خلال تظاهراتها المناصرة للحقوق الفلسطينية، والمنددة بممارسات القمع والقتل والاستيطان والحصار وتغيير المعالم التاريخية والدينية لفلسطين التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل وأسوة- أيضاً- بالمواقف المدنية المشرفة التي يفصح عنها قسم من المثقفين والمبدعين والأكاديميين في أوروبا وأمريكا بشجاعة أدبية عالية”.
ودعا المثّقفون العرب نظراءهم من مثّقفي الغرب إلى استنكار الجرائم الوحشية للكيان المحتل ضدّ الشعب الفلسطيني، وإلى الإعلان عن موقف صريح للحقوق الوطنية الثابتة لشعب فلسطين في أرضه.
كما دعتهم الرسالة المفتوحة إلى حوار حول هذه المسائل على قاعدة القيم والمبادئ العليا التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية، والقيم والمبادئ المشتركة، وموقع قضية فلسطين منها، وحقوق شعبها، في أن يتمتّع بنتائج تلك المبادئ من غير إقصاء أو حيف، من نوع ذلك الذي تفعله سياسات حكومات بلدان الغرب، ويسوغه صمت المثقفين عنها.
وتقول الرسالة: “لقد كنّا ننتظر ذلك من مثقفي الغرب، لأنّا نرى فيهم الفئة الحية المؤتمنة، في مجتمعاتها، على حماية المبادئ والقيم الكبرى، التي صنعت الحضارة الإنسانية الحديثة والمعاصرة، ولأنّها تتقاسم وهؤلاء المثقفين الإيمان بالمبادئ والقيم الإنسانية عينها: الحرية والعدالة، والمساواة، وحقوق الإنسان، وحماية الكرامة الإنسانية، ونبذ التعصب والعنصرية ونبذ الحرب والدفاع عن السلم، ورفض الاحتلال، والاعتراف بحق الشعوب في استرداد أراضيها المحتلة، وفي تقرير المصير والاستقلال الوطني…إلخ”.
وتابع موقّعو البيان: “إذ يشعر الموقعون أدناه من المثقفين العرب، بوجود فجوة هائلة بين ما تميل الثقافة في الغرب إلى الإفصاح عنه، من رؤى وتصوّرات ومواقف تتمّسك بمرجعية تلك المبادئ، نظريا، وما تترجمه مواقف القسم الأعظم من المثّقفين في الوقت عينه، من ميل إلى مناصرة الجلاد المعتدي على حساب حقوق الضحية المعتدى عليه والمحتلة أرضه، أو من الصمت على جرائمه المتكرّرة.. فهم يشعرون، في الآن نفسه، بالفجوة الهائلة بين مبدئية مواقف مثقفي الغرب في شأن قضايا أخرى في العالم، نشاطرهم الموقف في ما هو عادل منها، وبين لواذهم بالصمت والتجاهل حين يتعلق الأمر بقضية فلسطين وحقوق شعبها في أرضه، الحقوق التي اعترفت بها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة! وما أغنانا عن القول إن الفجوتين هاتين تترجمان مسلكا ثقافيا قائما على قاعدة سياسة “ازدواجية المعايير”، الأمر الذي نستقبحه، لأنّه يمس في الصميم رسالة الثقافة والمثقفين”.
وشدّد البيان: “إذا كانت السياسات الرسمية العربية الممالئة لإسرائيل، والمتستّرة على جرائمها تبغي تزویر نضال الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية عن طريق تقديمه بوصفه “إرهابا”، فينبغي أن لا ينساق قسم من مثقفي الغرب إلى لوك هذه المزعمة الكاذبة، لأن لهؤلاء الذين يروّجونها من السياسيين مصالح من وراء ذلك، لا صلة لها بمصالح شعوبهم ولا بمصالح مثقفيهم، ناهيك بأنّ اتهام المقاومة ووصفها بـ“الإرهاب” انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الذي يقرّ بحق الشعوب في تحرير أراضيها المحتلة بالوسائل كافة، بما فيها المسلحة”.
وتُقرّ الرسالة/ البيان أنّ “مثل هذا الخلط المتعمّد بين المقاومة والإرهاب لن يكون من شأنه سوى تسويغ الاحتلال وتسفيه كل مقاومة مشروعة في التاريخ الحديث وتزوير مضمونها الوطني، فهل يوجد في بيئات المثقفين في الغرب من هو مستعد -فكريا ونفسيا وأخلاقيا- لأن يصف المقاومات الوطنية في أوروبا للنازية والنازيين بأنّها حركات إرهابية؟”.
وختم المثقّفون العرب رسالتهم، بالقول: “نحن على ثقة بأنّ الضمير الثقافي خليق بأن يُصحّح الرؤى الخاطئة والهفوات التي يقع فيها كثير من أهل الرأي والإبداع في الغرب، وأولها تلك التي نسجت طويلا، حول فلسطين وحقوق شعبها، وحول حركة التحرّر الوطني الفلسطينية، من أجل أن يستقيم الموقف الثقافي من هذه القضية على قاعدة مرجعية المبادئ الكبرى الإنسانية بصدق وشفافية.. بعيدا من كل نفاق أو خداع أو ازدواج في المكاييل؛ وهذا ما تهدف إليه هذه الرسالة التي يحرص موقعوها على وجوب إبطال هذا الميز في تطبيق أحكام تلك المبادئ على الشعوب والأمم”.