رفض المجلس الدستوري الفرنسي، أمس الخميس 25 جانفي 2024 ، أكثر من ثلث البنود الواردة في مشروع قانون الهجرة المثير للجدل الذي اعتُمِد تحت ضغط اليمين المتشدّد، وفق ما أوردته وكالة فرانس براس.
وتشمل النصوص التي رفضها المجلس تلك المتعلّقة بتقليص الإعانات الاجتماعية ولمّ الشمل، إضافة إلى فرض نظام حصص خاصة بالهجرة يحدّدها البرلمان.
وأثار مشروع قانون حول الهجرة انقسامات في معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون، واعتبره اليمين المتطرّف ''انتصارا أيديولوجيّا''.
واعتمد البرلمان هذا النص في 19 ديسمبر، وهو يقلّص الإعانات الاجتماعية للأجانب ويحدّد الحصص الخاصة بالهجرة، ويعيد النظر في قانون الحصول على الجنسية تلقائيّا بمجرد الولادة في فرنسا، ويعيد العمل بـ''تجريم الإقامة غير الشرعية''.
واعترف وزير الداخلية جيرالد دارمانان، بأنّ الكثير من الأحكام في هذا النص تتعارض ''بشكل واضح مع الدستور''، وكان يأمل البعض داخل السلطة التنفيذية علنًا رفض جزء من بنوده. ويرى خبراء أنّه يمكن إبطال عشرات التدابير في النص المثير للجدل.
ومع ذلك، دافع الرئيس إيمانويل ماكرون عن النص الذي شُدّدت أحكامه إلى حدّ كبير بموجب تسوية مع اليمين، واعتُمِد مع تصويت حزب التجمّع الوطني (اليميني المتطرّف) لصالحه.
وفي 20 ديسمبر، اعتبر ماكرون في مقابلة تلفزيونية غداة التصويت أنّ هذا القانون هو ''الدرع التي نفتقر إليها''، مقرًّا بأنّ بعض البنود “لا ترضي” البعض، ورافضا فكرة تكريس ''مبدإ الأفضلية الوطنية''.
من جهته، اعتبر حزب التجمّع الوطني أنّ اعتماد النص يشكّل ''انتصارا أيديولوجيّا'' له.
غير أنّ هذا القانون أدّى إلى إحداث شرخ في المعسكر الرئاسي، ودفع وزير الصحة أوريليان روسو إلى الاستقالة.
ورغم العاصفة التي أحدثها القانون، فضّلت الحكومة التوصّل إلى اتّفاق مع اليمين وتجنّب فشل ذريع في الجمعية العامة، حيث لا يمكنها الاعتماد إلّا على أغلبية نسبية، وذلك قبل أشهر من الانتخابات الأوروبية التي يُتوقّع أن يفوز فيها اليمين المتطرّف.
وقرّر ماكرون إحالة الأمر على المجلس الدستوري، وكلّفه فعليّا دور الحكم السياسي حول نص مثير للجدل أدّى إلى خروج عشرات آلاف المعارضين إلى الشارع، الأحد.
غير أنّ هذه الإستراتيجية لم تلقَ إعجاب الجميع. فاعتبر رئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس، الذي سبق أن شغل منصب رئيس الوزراء في فرنسا، أنّ المجلس ''ليس غرفة استئناف لاختيارات البرلمان''.
وقال أحد النواب الـ27 من المعسكر الرئاسي الّذين صوّتوا ضدّ القانون، إنّ وظيفة المجلس ليست''إصلاح هفواتنا''.
وفوجئ بعض الخبراء في القانون الدستوري برؤية الحكومة تتعهّد بتمرير نص تعرف أنّ بعض أجزائه مخالفة للدستور.
ويقول الخبير في القانون الدستوري، جان-فيليب دوروزييه: ''هذه ليست المرّة الأولى التي تحتفظ فيها حكومة ببنود مثيرة للجدل لتمريره في التصويت، لكنها المرة الأولى التي تُعلَن هذه الإستراتيجية ويُعترَف بها على هذا النحو''.
وترى الخبيرة في القانون الدستوري، شارلين بيزينا، أنّ المجلس الدستوري ''يجد نفسه في وضع سياسي معقّد… إذ يعلم أنّه إذا رفض الكثير من البنود، فسيخدم بذلك المعسكر الرئاسي. وبالتالي فإنّ قراره سيكون سياسيّا للغاية، حتى وإن حكم فقط على دستورية القوانين''.