المجتمع

العنف الإقتصادي ضد المرأة في تونس : عقاب مسكوت عنه

 رغم تنامي مكانة المرأة في المجتمع التونسي و ترسانة القوانين الضامنة لحقوقها، لكن هذا لا ينفي أن العنف ضد المرأة، إستفحل بشكل كبير في تونس خاصة في السنوات الأخيرة .

ويُعرَّف العنف ضد النساء والفتيات، وفق الأمم المتحدة بأنه ''أي فعل من أفعال العنف القائم على النوع الاجتماعي يؤدي أو من شأنه أن يؤدي إلى أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو عقلية للنساء والفتيات و يشمل العنف ضد النساء والفتيات،  العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث في الأسرة أو داخل المجتمع العام، والذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه''. 
و لو أردنا البحث في دوافع إنتشار هذه الظاهرة في تونس ،فهي كثيرة  لكننا سنركز في هذا المقال على العامل الاقتصادي بالأساس فالدراسات، تؤكد أن النساء محدودات الدخل  عرضة بشكل كبير جدا للعنف سواء من آبائهم أو أزواجهم 
وحسب لجنة الامم المتحدة الاقتصادية و الإجتماعية، فإن العنف الاقتصادي يحدث عندما يحرم الفرد شريكه  من الوصول إلى الموارد المالية، عادة كشكل من أشكال الإساءة أو السيطرة أو لعزلها أو لفرض عواقب سلبية أخرى على رفاهيتها.
أغلب ضحايا الاستغلال الاقتصادي من النساء، ويتخذ أشكالا عديدة، وهذه أبرزها حسب مؤسسة "النجاة من الانتهاك الاقتصادي" البريطانية (SEA): المنع من الالتحاق بالتعليم ،'' العمل أو تحديد ساعات العمل الخاصة بالضحية ، الاستيلاء على الراتب، أخذ مدخرات الأطفال ،أموال عيد الميلاد، رفض السماح بإنشاء حساب مصرفي و تقييد كيفية استخدام الأموال والموارد الاقتصادية. 
و في هذا السياق ، كشفت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن في تونس، عن أحدث مؤشراتها المتعلقة بإشعارات العنف ضد النساء، إلى أن قرابة نصف ضحايا العنف عاطلات عن العمل أو يعانين من أوضاع اجتماعية صعبةوأوضحت الوزارة.
و حسب الإحصائيات نفسها، أن "نسبة النساء ضحايا العنف المتصلات بالخط الأخضر  الذي وضعته الوزارة ، هن عاطلات عن العمل وفي وضعية هشّة، تبلغ 46 % أي  100 حالة، تم توجيههن وإرشادهن إلى برنامج "صامدة" للتمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف ليحتل مراتب متقدمة ضمن منسوب العنف المسجل خلال شهر أفريل، أين شكل ثلث العنف المسجل تقريبا .
أطلقت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن برنامجا وطنيا جديدا للتمكين الاقتصادي للنساء ضحايا العنف، حمل اسم ''صامدة'' ، الذي يهدف البرنامج الذي عدّته الوزارة التونسية الأول من نوعه على المستوى العربي، إلى دعم تشغيلية النساء ضحايا العنف الزوجي وتمكينهن من مصعد اجتماعي كما يساعد على إدماجهن في سوق الشغل سيعمل على تقديم موارد رزق لفائدة النساء ضحايا العنف لتمكينهنّ اقتصاديّا من خلال توفير التأهيل المهني والتجهيزات اللازمة لبعث مشاريعهنّ، وتتراوح قيمة التمويل بين 1500 و6 آلاف دولار حسب قيمة المشروع.وتعمل السلطات التونسية على دعم مراكز الإصغاء الخاصة بالنساء المعنّفات.
وجود 6 مراكز تابعة لوزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، منها مركز الرعاية الاجتماعية ''الأمان'' في تونس العاصمة ومركز ''تمكين'' ومركز ''هنّ'' بسيدي بوزيد و تجدر الإشارة إلى أن العنف الإقتصادي ،لا يقصر على المرأة غير العاملة بل يتجاوزها ليمسّ المرأة العاملة لكن بأشكال مختلفه منهاالعمل دون أجر أو بأجر بخس لا يسمن و لا يغني من جوع مقارنة  بنظرائها من الرجال بتعلّة أنها  لا تعمل بشكل متكافى كالرجل و هذا مرتبط بشكل كبير بالعقلية السائدة و النظرة المجتمعية التي تقلل من قيمة المرأة   فالمرأة الفلاحية، على سبيل المثال تتلقى أجرا أقل من العامل الفلاحي رغم أنهن يقمْن بنفس العمل  
منع المرأة من التصرّف بحرية في مواردها الاقتصادية، سواء بتوفيرها أو استغلالها بالشكل الذي تراه هي مُناسبًا وفي بعض الأسر تكون مسؤولية المصاريف المعيشية كاملةً على المرأة، و يستقيل الرجل من مهامه  بل و   يفتّك منها مصروفها في كثير من الأحيان أصدرت تونس سنة 2017 قانونا يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وصفه حقوقيون بأنه "مكسب لتونس فهو الأول على المستوى العربي كما يعدّ مكسبا كبيرا للمرأة التونسية'' فهو يحمل مقاربة شاملة و يضع في عين الإعتبار خصوصيات المرأة في التعاطي  مع العنف فهو يضمن لها الحماية و التعهد .
و تضمن الفصول عدد : 2 و3 و6 و13 من القانون 58 لسنة 2017 ،تحمي المرأة من جميع أشكال التمييز والعنف المسلط عليها وتكرّس جريمة الميز، وإلتزام الدولة بحماية المرأة أمام العمل الهش كما تضمن لها التغطية الاجتماعية والتعويض لضحايا العنف ولا يستثني من ذلك العنف الاقتصادي (الفصل 13).
لكن القوانين وحدها لاتكفي لحد من ظاهرة العنف ضد المرأة ،فحتى بعد صدور القانون لا تزال الكثير من النساء تشتكي من العنف إذْ أن مناهضة العنف يتطلب تنسيق مختلف الجوانب و تكاتف جهود مختلف الأطراف المسألة ثقافية واجتماعية بالأساس مسألة عقلية  ومازالت هناك قوى تعمل على كبح إنصاف النساء وتطوير واقع المرأة على المستوى الاقتصادي  
  
هبة همامي