ثقافة و فن

''فرارات'' كتاباً جديداً لعماد الزواري

أصدر الكاتب و الدكتور في الموسيقي و العلوم الثقافية، عماد الزواري، كتاباً جديداً تحت عنوان ''فرارات''عن دار خريف للنشر .

و كتاب ''فرارات'' هو الثالث للزواري بعد كتاب ''فتاوى الشيخ رهدان'' و ''الموسيقي و الدماغ''.

ويصوّر ''فرارات''، الحياة اليومية للمجتمع التونسي بصفة خاصة وكذلك مجتمعات منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة.

يحاول الكاتب من خلال هاته القصص تحليل عقلية أهل تلك المنطقة وتفكيك البنية الثقافية والنفسية لمجتمعات ينخرها التخلف والبؤس بأسلوب ساخر مع جرأة في طرح كل المواضيع مع التركيز على الثالوث المحرّم ''الجنس، الدين والسياسة''.

و تدور كل الحكايات حول فكرة رئيسية هي الانفصام في الشخصية وأيضا النفاق الذي يتميز به جل أهل تلك المنطقة ومن هنا جاء عنوان الكتاب "فرارات" وهي جمع لكلمة "فرار".

فكلمة "فرار" هي كلمة معاصرة ظهرت خلال السنوات الأخيرة كمصطلح لوصف المواطن التونسي العادي النمطي الذي يمثل السواد الأعظم من الشعب.

ف''الفرار'' إذن هو ذلك الإنسان البسيط ذهنيا مهما كانت مكانته في المجتمع، هو المواطن الأمّي كما هو المواطن صاحب أعلى الشهائد العلمية، هو الثري كما هو الفقير، هو الذكر كما هو الأنثى (فرارة)...هو بكل اختصار الإنسان البائس الذي يعيش في صراع دائم مع الشخصيتين المتناقضتين اللتين تسكنانه، شخصية حديثة تمثل الظاهر وشخصية محافظة تمثل الباطن. تتيح له الشخصية الأولى التمتع بكل أشكال الحياة الحديثة بينما تمنعه الشخصية الثانية من التمتع بها... 

يمثل "الفراريزم" أيضا المنظومة الأخلاقية غير المنطقيّة واللاإنسانية أيضا من خلال ربط الأخلاق والشرف بالجنس واللباس والدين، كذلك ازدواجية المعايير عند تطبيق الأحكام على المرأة أو على الآخرين.

تقديم كتاب ''فرارات''

و في تقديمه للكتاب، قال طارق الشيباني '' نصّ فرارات أو نصوص فرارات، هو مبضع جرّاح غاص عميقا في جسد المجتمع وجسد الواقع الجديد، الذي خلقته وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. نصّ كاشف حارق. نصّ يصوّر ويمسح كما بآلة السكانار، التورّمات النفسيّة للفرد التونسي رجلا كان أو إمرأة وانشطاره وانفصامه بين الأفكار والتصرّفات في حالة سكيزوفرانيّة نادرة الوجود. 

قد يكون أن سبق لبعضكم، أن قرأ "المسخ" لكافكا، حيث يتحوّل بطل القصّة إلى خنفساء ويعتزل الناس والمجتمع ويسجن نفسه في غرفته، في الفرارات يحدث العكس، الأبطال يحوّلون أنفسهم بأنفسهم إلى خنافس عبر المساحيق والمراهم وحشو الشفاه والصدور والمؤخّرات بمادة السليكون ويغزون المجتمع عبر شاشات الإعلام والفايس البوك والانستغرام وكلّ تلك المنصّات المريبة، التي تعمل كآلات حفر عملاقة لتقليب وقلب تربة المجتمع وخلق الواقع الجديد {طبعا مع احترامنا لحق كلّ انسان وحرّيته في أن يفعل بنفسه وجسده ما يريد، مادام بعيدا عن أنفسنا وأجسادنا}... في هذه القصص هناك حديث عن أولئك "البطلات والأبطال" الجدد للمنصّات الأثيريّة. الكرونيكور والكرونيكوز والانستغرامور والانستغراموز و"التكتوك والتكتوكة" في تطبيقة "التيك توك"...وغيرها من الأشياء، التي لا يعلم سرّها إلاّ تلك الآلهة الجديدة المقيمة في وادي السيلكون في أمريكا...كلّ هذه الشخصيّات يتحدّث عنها عماد الزواري ويصفها كما هي، دون أن يحاكمها أخلاقيّا وهو أجمل ما في العمل...فهو أديب من طراز ذكيّ يصف الحالة ولا يحاول معالجتها بأحكامه وأخلاقه الخاصة به والتي تعود إليه وحده، كما يجدر بالكاتب الحقيقي أن يفعل...

في النهاية، أعدكم في هذه النصوص بمتعة القراءة وبمذاق حرّيف حارق لفنّ الكتابة وفنّ وصف المجتمع عبر شخوص الأدب والحكاية المكتوبة، بكثير من الحنكة وكثير من البحث ودقّة الملاحظة.''