أكّد المقدّم خليل المشري، رئيس مصلحة الإحصاء والدعم العملياتي بالديوان الوطني للحماية المدنية، أنه سيتم تهيئة 24 قاعة عمليات موزّعة على كامل الولايات وتجهيزها بأحدث المعدات التقنية، بما يتيح تحديد مواقع الحوادث بدقة والتدخل باعتماد الذكاء الاصطناعي لاختيار أقصر المسالك.
وأضاف أنّ أسطول الديوان سيتعزز قريبًا بتجهيزات نوعية غير متوفرة حاليًا، على غرار سلم ميكانيكي بارتفاع 40 مترًا للتعامل مع الحرائق في البنايات الشاهقة، إضافة إلى روبوتات للتدخل في المواد الإشعاعية الخطيرة وطائرات دون طيار. كما ينتظر أن يتم إحداث وحدة مختصة ثانية بمدينة الجم بولاية المهدية للتدخل في ولايات الجنوب، إلى جانب توزيع فرق خفيفة تضم 20 عنصرًا مختصين في البحث والإنقاذ.
وأشار المشري إلى أن المشروع يتضمن أيضًا إحداث مدرسة تكوين قاعدي بمنطقة الزريبة بولاية زغوان بمعايير عالمية، تحتوي على ميادين تدريب في البحث والإنقاذ والغوص، بما يعزز التدريبات الحالية في مدرسة جبل الجلود. واعتبر أن هذه المشاريع تمثل نقلة نوعية في عمل جهاز الحماية المدنية، حيث تعمل لجنة القيادة المركزية واللجان الفرعية على إعدادها لتكون جاهزة في السنوات القليلة المقبلة.
ويأتي هذا المشروع بعد مصادقة البرلمان في جويلية الماضي على اتفاقية قرض بين تونس والوكالة الفرنسية للتنمية بقيمة تناهز 150 مليون دينار، ويرتكز أساسًا على أربعة محاور هي: رقمنة هاتف النجدة “198”، اقتناء تجهيزات جديدة، إحداث وحدة مختصة، وإنشاء مدرسة للتكوين القاعدي.
من جهة أخرى، كشف المشري أن فرق الحماية المدنية سجّلت 52 ألف تدخل منذ مطلع جوان إلى غاية 21 أوت 2025، بمعدل 24 تدخلاً في الساعة، شملت حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية، وحوادث الطرقات، وحوادث الغرق. وقد ارتفع عدد حرائق الغابات هذا الموسم إلى 134 حريقًا أتت على 2194 هكتارًا، مقابل 106 حرائق العام الماضي لم تتجاوز مساحتها 314 هكتارًا، غير أن الأرقام ما تزال ضمن المعدلات المسجلة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ولمواجهة هذا الوضع، اعتمد الديوان 16 مركزًا موسميا جديدًا مجهزًا بالعناصر والآليات لدعم 125 وحدة قارة، ما ساعد على تقليص زمن الاستجابة وحماية نحو 12 مليون قنطار من محصول القمح. ورغم ذلك، شهدت الفترة الممتدة بين 23 و27 جويلية اندلاع 426 حريقًا في عدة ولايات، ما استدعى تدخل الجيش ومصالح الغابات والتجهيز والبلديات إلى جانب المدنيين.
وبخصوص حوادث الطرقات، أكد المشري أنها ارتفعت بنسبة 19% منذ بداية الصيف، خاصة في المناطق الساحلية ذات الكثافة المرورية العالية، في حين حذر من "الحوادث القاتلة" التي تسجل في بقية المناطق نتيجة الإفراط في السرعة واستعمال الهواتف أثناء القيادة. في المقابل، سجلت فرق الحماية المدنية تراجعًا في حوادث الغرق بنسبة 31%، مرجعة ذلك إلى ارتفاع الوعي والحذر لدى المواطنين، وقد تمكنت من إنقاذ 322 شخصًا من الغرق.