عالميا

برلماني أوروبي: السلام الحقيقي يتطلب محاسبة إسرائيل

 اعتبر النائب الأوروبي عن أيرلندا، باري أندروز، أنّ مساءلة الكيان الإسرائيلي عن الجرائم التي ارتكبها في قطاع غزة تمثل الطريق الوحيد لإرساء سلام حقيقي ومستدام.

ودعا أندروز، في مقابلة مع وكالة الأناضول، الاتحاد الأوروبي إلى الإبقاء على خيار فرض العقوبات على تل أبيب مطروحًا على الطاولة، مؤكدًا أنّ تجربة بلاده في عملية السلام الإيرلندية تبرهن على أن السلام لا يمكن تحقيقه دون العدالة والمحاسبة.
وأضاف أنّ المصالحة تتطلب دعمًا دوليًا دائمًا، لكنها ستفشل إذا تجاهل المجتمع الدولي الجرائم المرتكبة، مؤكدًا أنّ العدالة الانتقالية ضرورية لضمان مساءلة ما حدث في غزة، فلا يمكن بناء سلام مستدام دون محاسبة إسرائيل.
نزع سلاح حماس
وأشار أندروز إلى أنّ النقاشات الأخيرة في البرلمان الأوروبي تطرّقت لاحتمال نزع سلاح حركة حماس خلال أسبوع واحد، واصفًا هذه التوقعات بـ"غير الواقعية".
وأوضح أنّه من الخطأ اختزال عملية السلام في قضية نزع سلاح حماس فقط، مشددًا على أنّ السلام الدائم يتطلب مصالحة حقيقية ومحاكمة عادلة للفلسطينيين الذين عانوا من الاحتلال والحرب. وأكد أنّ أي ترتيبات سياسية مستقبلية يجب أن تستند إلى العدالة والمساءلة، وليس فقط إلى ترتيبات أمنية مؤقتة.
وجاءت تصريحات أندروز بعد أسابيع من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس في 10 أكتوبر الجاري، وفق خطة الوساطة الأمريكية التي طرحتها الإدارة الأمريكية، والتي تضمنت انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية، إدخال مساعدات، ونزع سلاح الفصائل.
ورغم الاتفاق، استمرت المنظمات الحقوقية ودول أوروبية بمطالبة إسرائيل بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم، بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
دعوات أوروبية للعقوبات
وأشار أندروز إلى أنّ العقوبات على إسرائيل ليست مجرد أداة ضغط سياسية، بل التزام قانوني وأخلاقي مفروض بموجب القانون الدولي. وذكّر بأن محكمة العدل الدولية اعتبرت الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية غير قانوني، ما يستدعي من الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات ملموسة ضد تل أبيب، مثل تقييد العلاقات التجارية ووقف تصدير الأسلحة.
وجاءت هذه الدعوات وسط انقسام بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، حيث طالبت كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين بتعليق اتفاقية الشراكة التجارية مع إسرائيل، بينما فضّلت دول أخرى اتباع نهج تدريجي.
كشفت المفوضية الأوروبية في سبتمبر عن مقترحات أولية لعقوبات تشمل تعليق الاتفاقية وفرض قيود على وزراء إسرائيليين بارزين بسبب الانتهاكات ضد الفلسطينيين. وفي جلسة برلمانية يوم الأربعاء، طالب نواب أوروبيون زعماء الاتحاد بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل التي انتهكت وقف إطلاق النار في غزة.
وقالت رئيسة مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين بالبرلمان الأوروبي غارسيا بيريز: "يجب على مجلس الاتحاد تعليق اتفاقية الشراكة ومحاسبة نتنياهو على الإبادة التي ارتكبت في غزة".
في المقابل، أكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس أنّ العقوبات لن تُطبق حاليًا لكنها لن تُلغى أيضًا.
وشدّد أندروز على أنّ الشهرين الماضيين شهدوا تحولًا ملحوظًا في الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل، مستشهدًا بتصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بشأن ضرورة فرض عقوبات، وإعلان المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن تعليق جزئي لتصدير الأسلحة لتل أبيب، واصفًا ذلك بـ"سابقة في السياسة الأوروبية".
وأضاف أنّ الاعتراف المتزايد بدولة فلسطين من قبل 11 دولة جديدة في سبتمبر الماضي يعكس تغيرًا حقيقيًا في المزاج السياسي الأوروبي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنّ إجمالي الدول المعترفة بفلسطين بلغ الآن 159 دولة من أصل 193.
واختتم أندروز بالقول: "إذا لم تُظهر الحكومة الإسرائيلية نية صادقة لبناء الثقة، سيكون على أوروبا اتخاذ موقف أكثر صرامة"، مؤكدًا أنّ الاتحاد الأوروبي يجب أن يرسل رسالة واضحة بأن استمرار الانتهاكات سيقابل بإجراءات ملموسة، تشمل القيود التجارية والعقوبات الاقتصادية.