ثقافة و فن

سينما المغرب العربي تتألق في مهرجان البحر الأحمر 2025

 يشهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي حضوراً بارزاً لأفلام دول المغرب العربي ضمن فعاليات دورته الخامسة، التي تُقام في جدة التاريخية خلال الفترة من 4 إلى 13 ديسمبر 2025.

وتتجسّد هذه المشاركة من خلال عرض فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية المرشحة لجائزة الأوسكار كوثر بن هنية، إلى جانب فيلمين قصيرين من المغرب، وفيلمين آخرين مستلهمين من الواقع الجزائري، بما يعكس تنوّعاً لافتاً في الأصوات السينمائية القادمة من المنطقة.
يمتاز الفيلمان المغربيان بتجسيد، فيلم"مع الريح" و"إلى أين يا مريم!"، بسرد قصصي مميز؛ حيث يروي الأول حكاية لقاء مثير وغير متوقع ليعيد احياء مشاعر دفينة منذ زمن بعيد، بينما يروي الفيلم الثاني قصة مؤثرة عن إعادة محاولة زوجين لمحاولة واصل ما انقطع بينهما.
أما الفيلمان المرتبطان بالجزائر "السردين" و"رقية" يتناول موضوع العلاقات العائلية المركبة من عدة زوايا مختلفة.
يتجلى عرض فيلم "صوت هند رجب" هو الأول له في المملكة العربية السعودية، بعد أن ترك أثراً كبيراً على الساحة السينمائية العالمية هذا العام. حول الفيلم هو دراما مأساوية تعيد بناء الساعات الأخيرة من حياة هند رجب، تدور الاحداث حول الطفلة البالغة من العمر ست سنوات من غزة. يقدم العمل مزيج مبتكر بين الوثائقي والدراما، تستحضر بن هنية صرخة عالمية للعدالة، وتدفع المشاهدين لمواجهة التكلفة الإنسانية المدمرة للصراع من خلال عمل سينمائي يتردد صداه في الوعي الجمعي. يروي الفيلم جوانب عاطفي، يعد الفيلم واحداً من أكثر الأعمال مناقشة وتأثيراً هذا العام حتى الآن.
نبذة عن الأفلام المشاركة لتحميل الملصقات والصور، يُرجى زيارة الرابط المخصّص
السّردين 
تعجز "زوزو"، مهندسة البيولوجيا البحريّة، البالغة من العمر ثلاثين عامًا، والعازبة الّتي تعيش مع والديها، عن إخبار عائلتها بأنّها ستغادر في اليوم التّالي لحفل زفاف أختها. وعلى الرّغم من حصولها على تأشيرة السّفر (على عكس صديقتها المقرّبة "وردة"(، تجد صعوبة في اتّخاذ قرار المغادرة بمفردها، للانضمام إلى بعثة علميّة، بهدف تتبّع أسماك السّردين الّتي هجرت المياه الجزائريّة. ممزّقة بين واجباتها العائليّة، وإشاعة الأخبار المحلّيّة، تُدرك "زوزو" أنّها على وشك الانهيار. مقتنعة بأنّها لن تغادر أبدًا.
رقية
في عام 1993، يتسبّب حادث سيّارة مأساويّ في إصابة "أحمد" بفقدان الذّاكرة. يعود إلى قريته حيث لا يبدو أيّ شيء مألوفًا لديه؛ حتّى عائلته تبدو له غريبة. وجهه المضمّد يثير رعب طفله الأصغر، بينما يطارده زوّار ليليّون، يهمسون تراتيل بلغة مجهولة. من هم؟ ولماذا يفتقد "أحمد" إصبع السّبّابة في يده اليمنى؟ ولماذا يشعره جاره بعدم الارتياح؟ في الزّمن الحاضر، هناك راقٍ مُسِنّ (معالج بالرّقية الشّرعيّة) يعاني من مرض الزّهايمر، ولديه أيضًا إصبع سبّابة مفقود في يده اليمنى الّتي ترتجف بشكل ينذر بالسّوء. ومع تصاعد موجة من العنف غير المبرّر، وتحدّث الممسوس بلغة مجهولة، يخشى تلميذه المخلص أن يتمّ إطلاق شرّ قديم.
مسعود
یَكاد بائعُ زھورٍ عجوزٌ أن یُغلق متجرَه إلى الأبد. وبمساعدة "نسيم"، وهو شابّ یعمل في توصيل الطّرود، ينطلق لتوزيع ما تبقّى لديه من زهور. وخلال هذه الرّحلة، يوقظ لقاء غير متوقّع شعورًا دفينًا طاله النّسيان.
إلى أين، مريم!
بعد زيارة صديق يحتضر، تتأثّر "مريم" بهشاشة الحياة، وتسعى لإعادة التّواصل مع زوجها. طوال رحلتهما، تحاول استعادة اهتمامه، ممّا يقودهما إلى أن يزورا مجدّدًا مكانًا التقيا فيه ذات مرّة. هناك، تتدفّق الذّكريات، ويُطلق العنان لدراما عائليّة خفيّة، الأمر الّذي يجبر الزّوجين على مواجهة العبء الصّامت الّذي يرهق علاقتهما.
صوت هند رجب
فيلم "صوت هند رجب" هو عمل هجين، يمزج ببراعة مؤثّرة ومبتكرة بين أسلوبي الوثائقيّ والدّراما. يروي الفيلم القصّة المروّعة، والمؤثّرة لطفلة فلسطينيّة في السّادسة من عمرها، قُتلت خلال الحرب الإسرائيليّة على غزّة. في يناير 2024، حُوصرت "هند" لساعات داخل سيّارة، بعد تعرّضها لإطلاق نار، حيث كانت محبوسة بين جثث عمّتها وعمّها وأبناء عمّها، لتصبح هي النّاجية الوحيدة. بقيت الطّفلة على اتّصال لساعات مع متطوّعي الهلال الأحمر، الّذين خاضوا متاهة من الموافقات العسكريّة، والحكوميّة في محاولة يائسة للوصول إليها. يتجاوز هذا الفيلم حدود السّينما التّقليديّة، ليصبح عملًا قويًّا من أعمال المقاومة، وأثرًا حيويًّا للحفاظ على الذّاكرة.
تقدّم المخرجة "كوثر بن هنيّة" شهادة مؤرقة للواقع المأساويّ في الحرب، سيتردّد صداها بين الجماهير لأمدٍ طويل بعد إسدال السّتارة.