منذ إنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية في أكتوبر 2019 وما ترتب عنهما من نتائج، عرفت تونس العديد من التطورات السياسية التي كادت تدفع البلاد إلى أزمة سياسية غير مسبوقة. وهو ما يفسر المخاض العسير الذي على أساسه ولد الائتلاف الحكومي الحالي في ظرف اقتصادي واجتماعي وأمني يتّسم بالهشاشة لتنضاف إليه جائحة وبائية عالمية أوقفت عجلة الاقتصاد بسبب آلية الحجر الصحي الشامل المعتمدة من قبل كل دول العالم. وكان من نتائج هذا الظرف الاستثنائي حدوث المزيد من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية من أبرزها الانكماش الاقتصادي وتراجع النمو وتفشي الفقر والعوز وتواصل ظواهر الفساد والاحتكار.
وبالرغم من كل هذه المخاطر، بقي المشهد السياسي الوطني ملبّدا بسحب التجاذبات السياسية والحسابات الحزبية الضيقة. وهو ما يفسر التوتر الملحوظ سواء بين الحكومة والمعارضة أو داخل الائتلاف الحكومي نفسه وتشنج العلاقات بين المؤسسات التنفيذية والتشريعية للدولة.
وحرصا على تجاوز هذه التوترات والتجاذبات والدفع نحو كل ما من شأنه:
- تدعيم فرص العمل المثمر والنجاح في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتحديد الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة والشروع في إنجاز الإصلاحات الوطنية الكبرى بهدف الاستجابة لمتطلبات التحديات والرهانات الوطنية.
- تحقيق الانتظارات والمطالب الشعبية التي من أبرزها التشغيل ومقاومة البطالة ومحاربة الفقر والفساد والإرهاب وتحقيق التنمية.
- إرساء مناخ سياسي واجتماعي متسم بالاستقرار وتضافر جهود جميع القوى السياسية الحريصة على المصلحة الوطنية العليا.
فإن مجلس الحوار بين الأحزاب، ومن موقع حرصه وقناعاته بضرورة:
- تعزيز مبادئ التعاون والشراكة وترسيخ الوحدة الوطنية بين كل الفعاليات السياسية والمجتمعية المتمثلة خاصة في الأحزاب والمنظمات الوطنية.
- تعزيز المسار الديموقراطي والاستجابة إلى استحقاقات المرحلة وإنجاز الإصلاحات والمشاريع الكفيلة بمعالجة كل مظاهر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
- التأكيد على الالتزام بعلوية الدستور وسيادة المؤسسات العليا للدولة والهياكل المنتخبة واحترام التعددية والتنوع وحق الاختلاف والقطع مع خطابات الفوضى والارتداد على المكتسبات الديمقراطية ومخرجات الصندوق وضرورة تبني خطاب موحد يرفض كل أشكال التحريض والدعوات إلى إسقاط المؤسسات الشرعية المنتخبة بغير الأساليب الديمقراطية.
- ضبط خطة وطنية استعدادا لمرحلة ما بعد الكورونا توقيا من الانعكاسات السلبية لهذه الجائحة واستشرافا للإجراءات التي ينبغي اتخاذها لضبط الأولويات والإجراءات الكفيلة بمعالجة الانكماش الاقتصادي المنتظر والضاغطات الاجتماعية المحتملة،
يتقدم بهذا النداء إلى كل القوى والفعاليات وخاصة الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية من أجل تجاوز التجاذبات والحسابات الضيقة وتغليب المصلحة الوطنية العليا المتمثلة خاصة في إنجاز الإصلاحات الوطنية الكبرى ومعالجة الأوضاع الاجتماعية الصعبة والارتقاء إلى مجابهة التحديات التي تفرضها طبيعة الأزمة الاقتصادية وانعكاسات وباء الكورونا وتداعياته على المستويات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، وللتهيؤ والاستعداد لمجابهة فترة ما بعد الكورونا. ومن المهم الحرص على إشراك أوسع القوى السياسية من أجل تحمل مسؤولياتها الوطنية سواء أكانت في الحكم أم في المعارضة والتأكيد على التمسك بالسيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني. كما تتطلب مختلف المعالجات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تأسيس ثقة متبادلة بين الحكومة والشعب وذلك من خلال القرارات المتخذة والإنجازات العاجلة ومتوسطة المدى وتعبئة مختلف الأحزاب ومكونات المجتمع المدني في ظل وحدة وطنية صلبة قائمة على الالتزام ببرنامج البناء الوطني وإنجاز الإصلاحات الوطنية الكبرى ومحاربة الفقر والفساد والإرهاب للخروج من بوتقة الأزمة التي تهدد بلادنا وتجربتنا الديمقراطية الوليدة.