ثقافة و فن

حفل صوفية صادق في مهرجان قرطاج : إخفاق واضح في الأداء

 أثارت سهرة الفنانة التونسية صوفية صادق الأخيرة في مهرجان قرطاج الدولي، يوم 13 أوت 2025، عاصفة من الجدل لم تقتصر على الأداء الفني فحسب، بل امتدت لتلامس قضايا فكرية وثقافية أعمق.

فبين إخفاق الأداء على الركح والضجة حول تغيير كلمات أغنية "نهضة تونس"، برزت تساؤلات حول علاقة الفن بالمجتمع، والسياسة، وحتى القيم الأخلاقية.
ومن أبرز النقاط التي أثارت الجدل تغيير عبارة "نهضة تونس" في أغنية وطنية إلى "فرحة تونس". هذا التغيير، سواء كان مقصودًا أو عفويًا، أعاد إلى الأذهان تاريخًا طويلًا من "الرقابة الثقافية" تحت رعاية ما يمكن تسميته "الثالوث المقدس": الجنس، والدين، والسياسة. كما حدث مع قصيدة نزار قباني التي غنتها نجاة، حيث تم تبديل "يا رجلًا" بـ"يا أملًا" لتجنب الإيحاء بالتغزل الصريح. ومثل تبديل عبارة "برد الشراب" في رباعيات الخيام بـ"شهد الرضاب"، في محاولة لـ"تطهير" النص من دلالاته على شرب الخمر. وهو ما تجسّد في منع أغنيات تحتوي على كلمة "الزين" خلال فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وعلى رأسها أغنية "ها الزين هذا لواش"، كما أشارت إلى ذلك الكاتبة والباحثة التونسية ألفة يوسف.
وبعيدًا عن هذا الجدل، قدّم الناقد الصحفي عزيز بن جميع شهادة موضوعية حول الأداء الفني للفنانة، مؤكدًا أن الإخفاق لم يكن شخصيًا بل كان نتيجة عدة عوامل موضوعية. فصوفية صادق، رغم قيمتها الفنية الكبيرة، غابت عن الساحة لسنوات طويلة، مما أثر على أدائها وتركيزها. كما أن التغيير المفاجئ لقائد الأوركسترا ونقص البروفات أدى إلى ارتباك واضح في الأداء وضياع في صوتها. إضافة إلى ذلك، أدى إطالة الفقرة الوطنية دون رابط فني إلى ملل الجمهور، واللجوء إلى أغاني فنانين كبار مثل صليحة وأم كلثوم يكشف عن غياب الإنتاج الخاص الجديد. ووصف بن جميع مشاركتها في مهرجان دولي بحجم قرطاج بعد ثماني سنوات من الغياب بأنها "مجازفة غير محمودة العواقب". فقد كان الأجدر بها العودة تدريجيًا عبر مهرجانات أصغر.
وإجمالًا، فإن الإشادة بحفل فاشل لمجرد أن الفنان تونسي هي مجاملة فارغة لا تخدم الفن، بل تسيء إليه. المعيار الوحيد للنجاح هو الجاهزية يوم الحفل، بغض النظر عن الجنسية. وقد كشفت سهرة صوفية صادق أن الفن في تونس ما زال يعاني من صراعات داخلية، بين التراث والتجديد، وبين الشجاعة الفنية والاعتبارات الاجتماعية والسياسية.