ظم مركز الدراسات المتوسطية والدولية في إطار برنامجه معهد تونس للسياسة يوم الأربعاء 22 نوفمبر 2023 لقاء حواري حول " الإعلام التونسي بين التشريع وضمانات ممارسة المهنة " بمقر المركز بالعاصمة بمشاركة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين زياد الدبّار وحضور قدماء معهد تونس للسياسية وعدد من الصحفيين و ممثلي المجتمع المدني.
ومثّلت التشريعات ذات العلاقة بقطاع الإعلام المحور الأبرز للقاء الحواري والإشكالات التي تعرقل عمل الصحفي في تونس وتهدد سلامته وتجعله عرضة للعقوبات الزجرية خاصة في حالة إحالة الصحفيين خارج المرسوم 115 المنظم لقطاع الإعلام.
رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين زياد دبّار استعرض في مستهل مداخلته مختلف التشريعات التي تتداخل في قطاع الإعلام أو في علاقة بالممارسة الصحفية على غرار المرسوم 115 والذي من المفترض أن يكون الإطار القانوني وأساس للإحالة الصحفيين على القضاء مشيرا أن مثل هذه الاحالات مازالت متواصلة وفق المجلة الجزائية ومجلة الاتصالات وقانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال وهو ما يتناقض والتشريع الجاري به العمل وخصوصية العمل الصحفي.
كما أبرز نقيب الصحفيين أن إحالات الصحفيين على القضاء خارج الإطار التشريعي المنظم للقطاع أضر بجودة العمل الصحفي وتنوعه وأصبح الصحفي يلجأ إلى " الصنصرة الذاتية " تخوفا من الإيقافات أو الهرسلة أو صنصرة رؤسائه وهو ما يخلق مناخا مهنيا متوترا ومشحونا ويضرب حق المواطن في المعلومة وفي النفاذ إلى المعلومة ويحد من قدرات الصحفي على الإبداع والتطوير والاتقاء بجودة العمل الصحفي تناغما مع الدور المحوري والهام للإعلام وفي رسالته النبيلة ومسؤوليته المجتمعية التي تتمحور حول ضمان إيصال المعلومة إلى المواطن وخدمة الصالح العام بعيدا عن التجاذبات الحزبية والسياسية والدفاع عن حرية التعبير والصحافة والحريات الفردية والعامة وغيرها من الحقوق والملفات الجوهرية التي تشغل الرأي العام.
وأوضح الدبّار أن إصلاح التشريعات في علاقة بقطاع الإعلام في اتجاه ضمان أحسن الممارسات الصحفية والمهنية وتطوير المضمون الصحفي وضمان مناخ ايجابي وظروف لائقة للعمل وفق ما هو معمول به دوليا وتكريس إعلام في خدمة المواطن والصالح العام والمواطن لا يمكن أن يتحقق في غياب سياسات عمومية في قطاع الإعلام وفي دفع من مختلف مكونات المجتمع المدني التي تدافع عن الحريات الفردية والعامة وحرية الصحافة والتعبير وبالتعددية الإعلامية وتؤمن بالدور المحوري والهام للإعلام في الدولة.
وأكد على أن الصحفيون طالما أثبتوا دورهم الوطني والمحوري في مراحل مفصلية من تاريخ البلاد من الثورة وبعدها وصولا إلى مختلف المتغيّرات السياسية في البلاد والأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي مرت ومازالت على البلاد والعباد بعيدا عن التجاذبات السياسية فهم يقومون بدورهم باستقلالية ومسؤولية ،ينقلون الوقائع ، ويحاولون الوصول إلى الحقيقية رغم أن التكلفة كانت باهضة لاحقا خاصة على المستوى الاجتماعي للصحفيين باعتباره القطاع الوحيد الذي غلّب المصلحة الوطنية مراعيا بذلك الأزمة التي تمر بها البلاد على جميع المستويات وفي كل المجالات ولم يطالب بزيادة خصوصية كبقية القطاعات الأخرى تحسن من مقدرته الشرائية وكانت بذلك التداعيات لاحقا موجعة ومؤلمة تمظهرت في غلق العشرات من المؤسسات الإعلامية وفقدان مئات من موارد رزق للصحفيين وتتالت التهديدات المباشرة وغير المباشرة لسلامة الصحفيين وإحالتهم على القضاء خارج المرسوم 115 وتزايدت حالات الاعتداءات على الصحفيين وهرسلتهم وهو ما تثبته العديد من التقارير الصادرة عن وحدة الرصد بنقابة الصحفيين أو عدد من المنظمات الأخرى الوطنية والاقليمية.
وأكد أن الوضع الراهن المتأزم الذي تمر به البلاد يستدعي التعاون المشترك بين السلطة والإعلام ومختلف هياكله خدمة للصالح العام وتعزيزا للدور المحوري للإعلام في الشأن الوطني وتسهيلا لأداء الصحفي لعمله وفق أخلاقيات المهنة والموضوعية والمسؤولية وبالجودة والسرعة المطلوبة مشيرا إلى أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين منفتحة على الحوار وجل المقترحات العملية في إطار احترام أخلاقيات المهنة واستقلالية القطاع وحرية الصحافة والتعبير وضمانات أفضل الظروف للممارسة المهنية للعمل الصحفي سواء داخل المؤسسات أو في العمل الميداني.
وفي سياق متصل تمحورت أغلب مداخلات المشاركين في هذا اللقاء الحواري حول آليات الدفع نحو اعتماد سياسات عمومية في قطاع الإعلام من أجل ضمان قيام الإعلام بدوره الوطني المناط بعهدته والحفاظ على ديمومة المؤسسات الإعلامية والتعددية في القطاع وكيفية تعزيز المفاوضات الاجتماعية لتحسين أوضاع الصحفيين وظروف عملهم و تحسين وضعياتهم الاجتماعية وتسوية الوضعيات الهشة والرفع من مقدرتهم الشرائية ، فضلا على الحلول أو التوّجهات الممكنة لتحسين الترسانة التشريعية لقطاع الإعلام ضمانا لأفضل الممارسات الصحفية المهنية وسلامة الصحفيين بعيدا عن منطق وأساليب الترويع والتخويف.